حبيب يونس
عَلَى لُغَتِي ارْتَفَعْتُ كَأَنَّ مَصْلُوبَا
يَقُولُ لِمَنْ عَلَى اللُّغَةِ افْتَرَى: طُوبَى
رَأَيْتَ فَمَا سَعَيْتَ مَعِي نَشِيدُ غَدًا
فَهَلْ نُبْقِيهِ فِي التَّارِيخِ مَحْجُوبَا؟
هِيَ الطُّوبَى لِمَنْ إِيمَانُهُمْ فِعْلٌ
وَإِنْ هُمْ لَمْ يَرَوْا… فَارْتَاحَ مَسْحُوبَا
شَرَارُ السَّيْفِ فِي يَدِهِمْ يُدَاوِينِي
وَحَسْبِي فِي جِرَاحِي بِتُّ مَرْهُوبَا
حَبَبْتُ عَلَى صَلِيبِي كُلَّ مِسْمَارٍ
وَلِلْمِسْمَارِ ذَاكَ غَدَوْتُ مَحْبُوبَا
تَآخَيْنَا وَسِرْنَا دَرْبَ جُلْجُلَةٍ
أَنَا الْإِكْلِيلُ… وَهْوَ الْجُرْحُ مَرْغُوبَا
أَرَانِي الْمُبْتَدَا بِالشَّوْكِ مَرْفُوعًا
أَرَاهُ الْحَالَ بِالتَّعْذِيبِ مَنْصُوبَا
قِيَامَتَهُ ارْتَجَيْتُ عَلَى يَدِي عَبَثًا
وَظَلَّ قِيَامَتِي بِالْقَهْرِ مَغْلُوبَا
إِلَى لُغَتِي لَجَأْتُ وَبِي مَسَامِيرِي
تُغَارِزُ، رَحْمَةً، مَا كَانَ مَكْتُوبَا
فَأَسْقَطْتُ الْقِنَاعَ عَنِ الْوُجُوهِ وَلَمْ
أُبَالِ، وَمَا اجْتَرَعْتُ الْخَمْرَ مَسْكُوبَا
بَلِ اخْتَرْتُ الْخَوَابِي مَنْهَلًا وَيَدِي
لِمِحْبَرَةِ الْمَعَانِي أَمْسَتِ الْكُوبَا
قَوَامِيسِي ثِيَابِي كَمْ دَفِئْتُ بِهَا
فَلَمْ أُهْمِلْ جَوَابًا كَانَ مَطْلُوبَا
وَمَا أَحَدٌ عَلَيْهَا جَاءَ مُقْتَرِعًا
أَوَتْنِي فِي قَفِيرِ الْفِقْهِ يَعْسُوبَا
وَمِنْ لُغَتِي انْبَثَقْتُ شُعَاعَ مَعْرِفَةٍ
لِأَجْلُو اللَّيْلَ عَمَّنْ كَانَ مَوْهُوبَا
فَبَانَتْ لِي الدُّرُوبُ حَدَائِقًا تَرْوِي
أَنِ الْعِطْرُ اسْتَحَالَ الْآنَ مَخْضُوبَا
وَعَنْ لُغَتِي رَوَيْتُ كَثِيرَ أَمْثَالٍ
حَكَايَا غَدَتْ… مَعْنًى وَأُسْلُوبَا
وَطَارَتْ بِالْأَغَانِي الْكُتْبُ أُغْنِيهَا
بِمَا قَبْلًا لِآخَرَ كَانَ مَحْسُوبَا
كَبِرْتُ وَفِي يَدِي الْمِسْمَارُ يُؤْلِمُنِي
فَصَارَ دَمِي لِأَهْلِ الْحِبْرِ مَشْرُوبَا
وَلَمْ آبَهْ بِقَوْمٍ لَمْ يَرَوْا جُرْحِي
الْعَمِيقَ سِوَى جِدَارٍ كَانَ مَثْقُوبَا
غَفَرْتُ لَهُمْ: “تَعَالَوْا قَدِّسُوا لُغَةً
تُعِيدُوا لِي مِنَ الْآلَامِ مَسْلُوبَا
أَنَا لُغَتِي صَلِيبِي لَسْتُ أَسْأَلُنِي
صُلِبْتُ لِغَايَةٍ فِي نَفْسِ يَعْقُوبَا”