فاتن فوعاني
اسمٌ جذبني، منذ اللّحظة الأولى، الّتي نزل فيها على مسامعي. كنت أظنّ بأنّه لقبٌ ما اتّخذه صاحبه لفرط حبّه للإمام. فاستهوتني القصّة. قصّة أن يكون عَلِيًّا (ع) شريعة إنسانٍ ما، قبل أن أكتشف بأنّ الشّريعة بحرٌ عميقٌ، لُججه عالية، وبأنّ الله أبسط من ذلك بكثير
منذ نعومة أظفاري، وأنا أرفض الحبّ دون معرفة. رفضتُ أن أحبّ الإمام علي (ع) دون أن أقرأه. رفضتُ أن أحبّ فاطمة (ع) دون أن أتعرّف إلى شخصيّتها. وكنتُ أُقابَلُ بالرّفض نتيجةً لرفضي هذا. صحيحٌ أنّه ” هنيئًا لِمَن آمنَ دون أن يرى”، لكن من غير الصحيح أن يؤمن الإنسان دون أن يعرف. واستمرّ شعوري بالغرابة عن المجتمع إلى أن أتى مَن ربتَ على كتفي مُطَمئنًا: “نحن نعشقهم، لكننا لا ندركهم. هنالك حبّ ولكن ليس هناك معرفة.” ثم أردفَ قائلًا :” يقولون بأنّ المِثال لا يُسْأَل عنه وأقول لكِ لا بل يُسأَل ويُسأَل عنه.” فكان علي شريعتي، المفكّر الإيراني الجميل.
نبراسُ “الطّريق الثالث” رفض سلوك الدرب القديمة بِحُفَرِها الوعرة، كما نادى بعدم “استيراد القِيَم” وضرورة سلوك طريقٍ ثالث، نَشُقّها على طراز عصرنا. “إلهي، لا تجعلني مضطرًّا إلى التّرجمة والتّقليد. إنني أريد أن أحطّم القوالب القديمة التي ورثتها لأستطيع الصّمود في وجه قوالب الغرب. وليَخرسْ هؤلاء وأولئك، فأنا وحدي أريد أن أتكلّم.”
أوّل من ندّدَ بالبكاء المُصطنع ودافعَ عنه عندما يكون ” تجلّيًا طبيعيًّا لإحساسٍ ما، وحالة قهرية وفطرية لحبٍّ، لألمٍ، لشوقٍ، أو لِحزن. إنّ البكاء الذي لا يرافقه وعي والتزام ومعرفة حقيقية وفهم للإيمان، لا يُفيد إلّا لِغسل العيون من غبار الشّارع.”
الإيرانيّ الثّائر ثارَ على الصورة المُتوارثة لفاطمة وزينب( عليهما السّلام). ” إنّ المرأة الّتي لا تتذكّر من فاطمة سوى اللّحظة التي تكون فيها خلف باب بيتها، مكسورة الضّلع، مفطورة القلب. ولا تتذكّر من زينب إلّا ساعة خروجها من الخيمة بعد استشهاد الحسين (ع) والذّهاب نحوه والبكاء ، ولا تعرف عنها شيئًا إلّا ما قامت به من صباح عاشوراء حتى وقت الظهر، ثم تفقدها منذ عصر عاشوراء حتى آخر يومٍ من حياتها ورسالة زينب قد بدأت للتو”، امرأةٌ يفوتها الكثير
في ذكرى وفاة علي شريعتي
جزيل الشّكر لدار الأمير للثقافة والعلوم على ترجمة كلّ آثار علي شريعتي
أنصح بشدّة قراءة كتابه “فاطمة هي فاطمة”. الرابط في التعليق