على ضوء اللقاء الخاص مع د. عمر عبدالعزيز في غرفة 19 كتب/محمد نعمان الحكيمي
تعز- اليمن
أعرف أن استقصاء عوالم المفكر والناقد العربي الكبير ليس بالأمر السهل . وإن محاولة قراءتنا لإبداعه دون تمهل هي محاولات بائسة ، نبدو من خلالها أشبه بتلاميذ مدرسة يطاردون سيارة مسرعة وحسب.
يجد القارئ الواعي في محاولته استقراء واستغوار إبداعات د. عمر عبد العزيز المتنوعة إثارة كبيرة . ففي نغمة مفرداته تلمس أوتارا دقيقة ، بل لوحةٓ تعبيرية تقهر الألوان على الاقتراب الحاد من المعنى
الناقد والفيلسوف العربي الكبير د. عمر عبد العزيز وريث معرفة عرفانية. فقد أكرمه الله بعلوم ومعارف تجاوزت المرغوب إلى المرهوب .
في كتاباته لياقة فلسفية ، وفي أسلوبه ثورة ضد النمطية و الصيغ الرتيبة والقوالب الجاهزة والفِكَر المستهلكة!
ينتقل من مظاهر الأشياءإلى أغوارها كصوفي ،ويسبر الأقطار كمسبار فضائي.
درَّ درُّ تلك الاشتقاقات التي تربك اساتذة النحو والصرف ، و عموم القراء ، حيث نراها ونسمعها في كتاباته و في لفظه المسموع أيضا ؟!
يظهر من نتاجه الإبداعي أنه أديب وفنان غير عابر ، وغير مكترث للعابر ، ومما يوضح لك ذلك عن قرب انشغال فنه وأدبه وفكره بالأبدي .
د. عمر عبد العزيز ناقد يدرك الأشياء على حقيقتها ، ومبدع تشعر أنه في كل وقت عاكف على تحسس الإشارات ، ومستغرق في أشياء أخر ، حتى وإن كان يتحدث إليك.
د. عمر عبد العزيز مبدع باذخ الإيماءات ، ثري الإشارات ، خنذيذ ، يفكك الذوات على مهل و يطَعِّم كل جملة تقريبا بلياقة فلسفية وبعد إنساني.
و مما ينبغي أن اتحدث عنه في هذه العجالة هو دور د. عمر عبد العزيز في تشجيع ودعم الكتاب والمبدعين ملموس بشكل واسع على امتداد الوطن العربي والإسلامي .
كنت واحدا من الذين أخذ بأيديهم د. عمر عبد العزيز إلى محافل البهاء.
لم يحدث أن التقيته شخصيا أو عرفته عن قرب ، أو كان لنا تواصل ، قبل أن أرسل مخطوطي إلى منصة الرافد التابعة لإدارة الدراسات والبحوث دائرة الثقافة بالشارقة عام 2016 . طبعوا ونشروا لي كتابا ، ثم ثلاثة كتب بعدها .
إن هذا التوجه يعد ، ولا ريب ، انتصارا للمغمورين وتعزيزا للمطبوعين كما هو ، فيما يبدو لي ، دأب رسالة وغاية الدائرة المعنية بالثقافة -التي يعمل فيها بالشارقة- أيضاً .
تخيل حالك وأنت ترسل مخطوطك المتواضع أو حتّى الذي تعتقد أنه جيد ، إلى جهة المسؤول عن المطبوعات والنشر فيها هو د. عمر العزيز ، ذلك المثقف الموسوعي والمبدع النادر ، صاحب النصوص التعبيرية التكعيبية كثيرة الزوايا ، كثيفة النهايات ، والفنان التشكيلي والإعلامي المرموق والمفكر الناقد متعدد الثقافات واللغات ، والأديب الروائي ؟!
يصيبك العِي/ العجز عن التعبير اللفظي /حين تستمع لمنشوراته المصورة والمسموعة ، فكيف لو حاورته مباشرة عبر الوسائط مثلا ، أو كنت في حضرته وجها لوجه ؟!
انظروا كيف يقوس اللغة حين يكتب أو يتكلم؟! كيف يحشد الآفاق و الأقطار بكثافة مذهلة في أحاديثه المبتسرة.
وجدت نفسي ذات ليلة شتوية بداية هذا العام في حوار معه عبر الواتساب. أصدقكم القول : كان الذهول هو الزلفى التي نفذت بي لأطراف أقطاره الإبداعية ، والمدد الذي ثبتني وسط تلك الأمواج المعرفية والبروق العرفانية .
كنا نتحدث عن عنوان موضوع أدبي حيوي ، فإذا به حشد معارف ناسوتية ولاهوتية ، بلا تلكؤ ، كنت أمامها كطفلٍ غرير أمام كشفٍ نوراني لليلة قدر .
أدري أنني لم أضف شيئا بما عرضته في سطور هذا المنشور.
ماذا يضيف وزواز من فانوس إلى السها ؟! وكيف بإمكان لقلاق أن يحلق في الشلياق؟!
و رغم ذلك ، حسبي أن تشعشع كلماتي بذكر اسمه ، وأن أسعد بسعده ، وأنا البائس الفقير.
شكرا لوجودك في هذا العالم د. عمر عبد العزيز
Just Awesome
موقع مفيد و جذاب
فشكرا لكم
تحياتي لكم،