سهيلة حمد
قراءة في ق ق ج “كاتم صوت” للكاتب إبراهيم الدرغوثي دهشة في رشاقة البلاغة وانسجام العنوان مع القفلة
النص
حين سألها القاضي لماذا تلحّ في طلب الطّلاق؟
ردّت: زوجي كاتم صوت
القراءة
عنوان مثير انسجم مع القفلة تاركا في ذهن المتلقّي زوبعة
ققج ذات إيقاع مكتوم. مكثفة. اختزلت حياة زوجيّة في بعض الكلمات دون أن تتلف الحكائيّة، فاسحة المجال للقارئ كي يتأمّل في نسق العبارة، وفي سياقها التّاريخي ليتساءل، ليقارب ويقارن حقيقة ما رُفع من شعارات في حقّ المرأة في الحياة باعتبارها نصف المجتمع، وما نالته فعلا في الواقع. فهل نالت المرأة حقّا نصيبها من المساواة والعدل في البيت والمجتمع والإدارة؟ هل المرأة حرّة في التّعبير عن رأيها دون قيود؟ أم مازالت تنتظر الإذن محكومة، ملجمة، واقعة تحت مطرقة العرف وسندان التّقاليد؟
هو نصّ يطلق العنان لثورة على ما بقي من رواسب القهر والغطرسة الموروثة الّتي أعاد ترسيخها للأسف مسلسل بين القصرين في أواخر الثمانينيّات للكاتب المصريّ نجيب محفوظ، من خلال شخص سي السّيّد المفرد الجمع وما تلاه من مسلسلات كالشّيخ متولي وغيره، الّتي تشرّع لتعدّد الزّواجات بطريقة غير مباشرة إذ تخاطب اللّاوعي. ثقافة خدمتها سياسات وقوى رجعيّة معادية للمرأة وللأسرة. هي دعوة للثّورة والقطع مع الصّمت مُسقطة اللّثام عن ازدواجيّة في التّعامل مع المرأة في الواقع في مجتمع عربيّ باعتبار أنّ الكاتب عربيّ تونسيّ، وما النّصّ إلّا مرآة لمجتمعه
قصّة قصيرة جدّا تعالج موضوعا اِجتماعيّا، حقّقت الدّهشة من لحظة خاطفة. اِنبنت على المفارقة والحضور والغياب وكذلك على التّشبيه البليغ أسّسه مقول القول المتمثّل في سؤال ورد (سألها، ردّت)، جمع بين المباشر في السّؤال: “حين سألها القاضي لماذا تلحّ في طلب الطّلاق؟” والبلاغة في الجواب تتجلّى في تشبيه الزّوج بمسدس كاتم الصّوت هذا الزّوج الحاضر الغائب باستبداده ونرجسيّته
“زوجي كاتم صوت
نّصّ اِستوفى عناصر القصّة القصيرة جدّا. لم يحدّد الزّمان ولم يذكر اسم الـ “هي” المشار إليها في الضّمير المتّصل (سأل(ها)) لتكون أكثر شموليّة وكونيّة ذلك أنّ المرأة المعنّفة أو المرأة مكتومة الصّوت مسلوبة الحقّ، صداها في المحاكم موثّقة قضاياها. المرأة الّتي تُقهر قد تقدم على جريمة أفظع. فأبغض الحلال قد يتحوّل إلى أنسب حتّى لا تخرس إلى الأبد. ولكن أليس من الأجدر منحها جرعة نفس من الحرّيّة للتّعبير لتشعر بكيانها كذات فاعلة حتّى لا تكسر الأغلال وتعلن العصيان على الكلّ؟