المصدر: لندن – “النهار”
تواجه شركة “أبل” تحديات متزايدة تهدّد مكانتها العالمية، بعدما بدأت ملامح أزمة ابتكار عميقة تضرب صميم استراتيجيتها في تطوير المنتجات الجديدة، وسط صراعات إدارية وهجرة للكفاءات ونقص في الاستثمارات التقنية.
تعود جذور الأزمة إلى ما قبل أزمة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على المنتجات المصنّعة في الصين، والتي كبّدت “أبل” خسائر مالية ضخمة. لكنّ الأزمات الحقيقية التي تواجه الشركة تتعلّق بعدم قدرتها على إطلاق منتجات جديدة تحقّق النجاح نفسه الذي عرفته مع أجهزة مثل الآيفون وساعة Apple Watch وسماعات AirPods.
في السنوات الأخيرة، حاولت “أبل” استعادة زخمها الابتكاري من خلال طرح نظارة الواقع الافتراضي Vision Pro ونظام الذكاء الاصطناعي Apple Intelligence، إلّا أنّ هذه المحاولات لم تحقّق النتائج المرجوّة. مبيعات Vision Pro كانت أقلّ من التوقّعات، في حين واجه نظام الذكاء الاصطناعي مشكلات تقنية حالت دون إطلاق ميزاته الأساسية في الموعد المحدد.

الأزمة لم تكن تقنية فحسب، بل كشفت عن مشاكل تنظيمية وإدارية داخل الشركة. فقد عانى فريق تطوير الذكاء الاصطناعي من نقص حادّ في معالجات الرسوميات “غوغل” و “مايكروسوفت” الذين ضاعفوا استثماراتهم في هذا المجال.
كما تفاقمت الصراعات بين قيادات الأقسام البرمجية، لا سيّما في مشروع تطوير المساعد الذكي “سيري” Siri، وهو ما أدّى إلى تعثر عملية تطويره وتأجيل إطلاقه بعد اكتشاف مشكلات كبيرة في أدائه أثناء الاختبارات الداخلية.
إضافة إلى ذلك، فقدت “أبل” خلال السنوات الماضية عدداً من أبرز مصمميها ومهندسيها، ما أدّى إلى فراغ في الخبرات اللازمة لتطوير منتجات ثورية جديدة. ومع تقدم الرئيس التنفيذي تيم كوك في العمر، وافتقاره لخلفية قوية في تطوير المنتجات، زادت التحديات أمام الشركة.
ورغم استمرار “أبل” في تطوير نسخة محسّنة من “سيري” يتوقّع إطلاقها في الخريف المقبل، إلّا أنّ الأزمة كشفت عن هشاشة داخلية تعاني منها الشركة التي لطالما ارتبط اسمها بالابتكار.
وبينما ترى بعض قيادات “أبل” أنّ الوقت لا يزال في صالحها لتدارك هذه الإخفاقات، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع آبل استعادة سحرها القديم أم أن عصرها الذهبي بدأ يقترب من نهايته؟