
الحلقة العاشرة: سيدات بيروت الجميلات بعيون شاعر فرنسي.
بعد ما كتبه أوركهارت عن الطنطور بسنة واحدة، قام الكاتب والشاعر الفرنسي المعروف بإسم جيرار دي نرفال Gérard de Nerval (إسمه الحقيقي Gérard Labrunie) بزيارة إلى بيروت، وكتب عن أزياء النسوة في بيروت سنة 1851 خلال زيارته لمنزل صديق مسيحي له فيها. نقرأ له في كتابه “رحلة في الشرق” ما يلي:
” إذا كنت على معرفة خاصة بسيد المنزل، فإن السيدات يكرموك بحضورهن، ويقدمن لك شخصيًا الشربات أو المربّى، ثم يبقين في غرفة الجلوس دون حجابهن، مما يسمح لك بتفحص ملامحهن الجميلة و ملابسهن الفاخرة في وقت فراغك. تراهن يرتدين بنطالات واسعة قريبة من الكاحل. ويغطى هذا الثوب الأول برداء طويل مفتوح من الأمام، مع وشاح حريري ذو ألوان زاهية يلبس كحزام، أو بشال من الكشمير الهندي. ثم تأتي سترة ضيقة مطرزة بخيوط ذهبية، بأكمام ضيقة تصل إلى المرفق. إن شفافية بلوزاتهن تجعل صدورهن مرئية بشكل خفي. وينسدل شعرهن، المضفر بعدد لا يحصى من الضفائر، على ظهورهن في ضفائر تضاف إليها ضفائر حريرية ذات ألوان متطابقة، مرصعة بعملات ذهبية ومثبتة بشكل مستقيم بوزن الخواتم. ويرتدين قلنسوة صغيرة من الصوف الأحمر، مطرزة بالذهب، مع شرابة ذهبية سميكة، مثبتة فوق رؤوسهن بفخامة. حواجبهن ورموشهن مصبوغة بعناية باللون الأسود. يتم صبغ أظافرهم وكف أيديهم حتماً بالحناء إلى اللون البني المحمر، وهو لون غير مريح للناظر؛ العديد منهن يضعن المكياج أيضاً.”
لقد تأثر البيروتي بالعادات والتقاليد الأوروبية نتيجة ازدياد عدد الأوروبيين في بيروت، وأقبل على شراء سلعهم ومنتوجاتهم، وأخذ يلبس الجاكيت إلى جانب القنباز والسروال. وهكذا حلّت التفتة البيضاء “عنبرتيس”محل الأنسجة القطنية القديمة، والجوخ “كوبونة” الأوروبي محل الصوف المحلّي، وأخذت حرائر فرنسا تستهوي النساء فيستعضن بها عما كان يُنسج محليّاً.
________
الصورة: سيدة بيروتية بكامل أناقتها بعدسة Félix Bonfils التقطت داخل الاستديو الخاص به في بيروت حوالي سنة 1890.
مع تحياتي