بحث وإعداد: سهيل منيمنة

مع أن “الطنطور” يعتبر غطاء الرأس التقليدي عند فتيات ونسوة جبل لبنان من الدروز خاصةً، إلا أنه لم يكن مستغرباً أن يُشاهد في بيروت قديماً عند العائلات الدرزية البيروتية. وهو عبارة عن أنبوب معدني طويل، مخروطي الشكل، يشبه البوق أو القرن، يُثبَّت على مقدمة الرأس بشكل مائل إلى الأعلى ،يُلفّ حوله ه شال أو حجاب خفيف من القماش الشفاف أو المطرّز وينزل على الكتفين والظهر ليضفي على المظهر لمسة من الوقار والأنوثة. وكان يُصنع من النحاس أو الفضة، وأحياناً من الذهب لدى العائلات الثرية أو من الطبقة الأرستقراط. يختلف طوله بحسب الوضع الاجتماعي؛ فكلما كان أطول، دلّ على مكانة المرأة العائلية أو المالية. ومع بدايات القرن العشرين، بدأ الطنطور يختفي تدريجياً بسبب التغيرات الاجتماعية والاحتكاك بالحياة المدنية الحديثة، حتى أصبح اليوم جزءاً من التراث الشعبي.
دون الدبلوماسي والرحالة الاسكتلندي دافيد أوركهارت David Urquhart في كتابه “لبنان (جبل سوريا) تاريخ ومذكّرة” المطبوع عام 1860 عن الطنطور كما شاهده أول مرة سنة 1850 قائلاً:
“عندما انعطفت إلى زاوية أحد المنازل، رأيت ست فتيات ونساء، ينتفضن على الصخور، شامخات بطنطورهن، الذي يدل ارتفاعه أنهنّ من طبقة عالية. لامست الزخارف الثقيلة الأرض محدثة صوت خشخشة؛ يتتطاير حجابهن الأبيض مثل الأعلام، كاشفاً عن وجوه متفتحة وضاحكة، ورؤوسهن كأنها عبارة عن وفرة من الجواهر والزهور؛ أعناقهن مثل أصنام المعابد الهندية، صفراء مع ذهب متلألئ، وأثواب ذات لون بني محمر، متلألئة من كل مكان بالنجوم، ومهدبة بدانتيل من نفس المعدن. … يا لها من عادة رائعة هذه الزائدة المثبتة على الرأس يوم الزفاف، وتبقى هناك حتى الموت، في النوم، في المرض، في العمل المنزلي في الحقل، هناك تجلس، معقودة ومثبتة…”.
تجدر الإشارة إلى أن أوركهات تابع كلامه في نفس السياق ذاكراً علاقة الطنطور بمعتقدات الموحدين الدروز برواية لم أجد لها أصلاً في أي مصدر أو مرجع أو تواصل، لذلك استبعدتها من النص.
يتبع…
__________
الصورة: فتاة من جبل لبنان بالطنطور واللباس التقليدي سنة 1889 للمصور الفرنسي Tancrede Dumas.
Photo: Library of Congress Prints and Photographs Division Washington, D.C. 20540 USA
مع تحياتي