بقلم مديرة البيئة في نقابة الغواصيين :أمل جفّال
قناديل البحر، رغم جمال شكلها الاّ أنها تشكّل خطرًا على الانسان، وفي نفس الوقت وجودها ضروري، وهي مصدر غذاءٍ اساسي للسلاحف البحرية
__
تأتي قناديل البحر موسمياً الى الشواطئ من المحيطات، مع بدء شهري أيار/مايو وحزيران/ يونيو وتبدأ بالظهور بشكل مكثّف من أوآئل تموز/ يوليو وحتى أوآسط آب/ اغسطس
القنديل، هي مادة هلاميّة ليس لها عظامًا أو عيونًا، لزجة كثيراً، مقدمة القنديل الاماميّة خشنة بعض الشيء وتشبه الفطر،تسير مع التيارات، وهي لا يؤذي اذا تم التصرف معها بشكل مناسب
القنديل ببداية الموسم (تموز/يوليو) تكون نشيطة ولونها أبيضًا ناصعًا، أما خلال شهر أيلول/ سبتمبر فتصبح ذات لون أصفر بسبب حرارة مياه البحر، مما يسبب الموت البطيء لها، إذ أنها لا تستطيع المقاومة، وفي حال إخراج القنديل من البحر ووضعه على الشاطىء يمكننا بسهولة ملاحظة، أنه يذوب تلقائياً. لا شكّ في أن قنديل البحر مرعب لبعض النّاس، حبث لا يوجد لديهم فكرة أو معلومات كافية عنه، أو عن كيفية التعاطي معه، وهو غالباً ما يؤذي الصّغار وتكون حروقه لاسعة لا يمكن تحملها لأنّه طريّة ورقيقة
حين يشاهد السباح القنديل يمكن أن يتجنبه ويبتعد عنه، كما ويمكن إذا كان على دراية بالتعامل مع قناديل البحر أن يداعبه ويغيّر مساره ويتجنب أذآه، لأنه ليس قادراً على السير ولكن بفضل التيارات يسير في البحر.أما بالنّسبة للحروق التي تُصيب السابح فغالبًا ما تكون من افرازات القنديل الأسيّديّة الّتي يطلقها عندما يصطدم به جسم الإنسان بدون قصد، وهي تأتي من الخيوط الموجودة وراء القنديل والّتي يبلغ طولها 30 أو 40 سنتمتر
فعندما تلامس هذه الخيوط جسم الإنسان ويحتك بها تفرز سموماً على الجلّد وتسبب حروقاً مصحوبة بورم ولون أسود للجلّد وإحمراراً
__
من المهم ذكره أن حالة موج البحر تؤثر على القناديل الّتي تكون قريبة من الشاطئ، إذ تقذفها الأمواج العاتية بعنف فتنفصل الخيوط (ارجل) من جسم القنديل وهي بطبعها تحوي مادة أسيّديّة، هنا يشعر السابحون بلسعات خفيفة في مياه البحر، تتسبب بالحكاك، وعندما تلامس هذه الخيوط جسم الإنسان قد تلتصق به وتؤدي الى الإصابة بحروق خطيرة
__
فالسؤال كيف يمكن معالجة الحروق الناجمة عن افرازات القناديل الاسيدية؟
إن أفضل حلّ لمعالجة هذه السموم والافرازات الاسيّديّة على الجسم، هو اعتماد الإرشادات التّالية فور الإصابة
** معالجة فوريّة
١- عدم الرعب لأن من شأن ذلك أن ينعكس سلباً على السابح وقد يؤدي الى غرقه
٢- التوجه الى الشاطئ فوراً ودهن مكان الإصابة بالرمل
3 ـ وضع كمادات ممزوجة بالخلّ على المكان المصاب لمدة ربع ساعة أو فركها بالمازوت لإزالة المادة الأسيّديّة، بعد ذلك يصار لوضع دواء مرهم لإمتصاص الحساسية وتخفيف الوجع والألم والورم، أما مظاهر الاحمرار أو الورم لا تختفي بيوم أو اثنين أو ثلاث، بل يلزمها بعض الوقت، ولكن يتم تخفيف 70% من حدّة الوجع والإلتهاب
__
هناك عدة طرق لعلاج المصاب وهي كالتالي
– عدم لمس الجلّد المصاب باليد حتى لا تصاب اليد بالسم
– عدم حكّ المكان المصاب بالرّغم من الحروق والتقرّح حتى لا تتمدد الحروق
– فور التعرض للسعة قنديل بحر يجب ألا يخاف المصاب أو يصرخ ويجب الخروج بسرعة من الماء وإعلام مرافقيه أو روّاد البحر على الشاطئ
– غسل المكان المصاب بماء البحر من دون حكاك
– نزع اللّوامس والخلايا الشوكية بواسطة قفازات أو بقطعة خشب
– عدم غسل المكان المصاب بالماء العذب أو وضع قطعة قماش مبللة بالماء العذب
– رش سبيرتو أو أي مادة كحولية أو خلّ … على المكان المصاب لقتل الخلايا الشوكية
– وضع مرهم بلسم كورتيزوني ضد الألم على المكان المصاب
ـ ما هي الإرشادات الوقائية من قناديل البحر؟
مشكلتنا في لبنان بأن شواطئنا ليست مجهزة للسباحة، ويوجد عندنا شواطئ فسيحة وواسعة يقصدها المواطن للسباحة وهي تشكل مساحات واسعة غير محميّة من قناديل البحر، تصل الى الشاطئ مع التيارات البحرية
وهنا يأتي دور البلديات والدولة إذ يمكن تجهيز أجزاء من الشواطئ ولا سيما المسابح الشعبية أو البلدية بشبك خاص لإبعاد القناديل عن السابحين، مع إعتماد متخصصين مراقبة دائمة للبحر، من قبل فرق متخصصة مجّهزة بإسعافات أولية على الشاطئ، بحيث تعمد هذه الفرق إلى تحذير السابحين في حال اقتراب القناديل، وتوجيه الإرشادات الضرورية لهم للوقاية من لسعاتها، ولكن للأسف، هذا معدوم عندنا في لبنان
وأختم بالإشارة الى أهمية الحفاظ على البيئة البحرية وتنميتها وحمايتها من التلوث، إذ أن وجود السلاحف البحريّة من شأنها القضاء على القناديل البحرية، حيث تقوم بالهجوم عليها والقضاء عليها، وقد لاحظ مؤخراً فرق الغطس في نقابة الغطّاسين خلال جولاتنا في أعماق في البحار، أن أعداد السلاحف البحريّة في تزايد، وهذا أمر يبعث على التفاؤل بوعي المواطنين وحمايتهم للبيئة البحريّة. فقناديل البحر مثلها مثل أي مجموعة من الأنواع، لها أهميتها في السلسلة والشبكة الغذائية ضمن المنظومة التي تعيش فيها. إن الكميات الهائلة من اليرقات التي تنتجها تشكل مورداً غذائياً لكثير من الأحياء البحريّة لاسيما الأسماك ، فهذه الحيوانات تشكّل جزءاً مهماً من مصادر الثروة السمكيّة البحريّة، لأن قناديل البحر تشكل غذاء لحيوانات أخرى لاسيما السلاحف البحريّة. لكنّ الإنسان بحكم طبيعته ووجوده لا ينظر الاّ الى مصلحته الخاصّة فينسى أو يتناسى أنه نوع مثل ملايين الأنواع الحيّة، ولا بد له أن يقوم بدوره الأيكولوجي بشكل طبيعي حتى يؤمّن لنفسه حياة سعيدة وللّبيئة البيولوجية التوازن والاستدامة