أقام الأديب اللبناني مارون عبود تقسيماً لحياة أبي العلاء المعري، بين المعري الشاب والمعري وقد بلغ الشيخوخة. جاء ذلك في كتاب عبود الموسوم «زوبعة الدهور»، حيث سعى لتفنيد الرأي الذي حصر المعري في خانة الرجل اليائس، كاره الحياة وحتى الناس من حوله، فيما الحقيقة أنه، ككل الناس، مرّ في مراحل عمره المختلفة بتحوّلات في السلوك وفي النظر إلى الأمور. أراد عبود النظر إلى سيرة الرجل بصورة شاملة، لا أحادية، تقصرها على ما استشف من محتوى ديوانه «اللزوميات» الذي وضعه في كهولته الأخيرة وشيخوخته
حول ذلك قال عبود: «توهم الناس، حتى الخواص من الأدباء، أن أبا العلاء خلق منزهاً من الشهوات، بريئاً مما يسميه غيرنا الضعف البشري، لا ينقصه شيء من الكمال في نظرهم (…)، كأنه غير مركب من لحم ودم. إن أبا العلاء، وهذا لا يضير عصمته التي تزعمونها له، قد تغزّل كالشعراء، لانه أحبّ مثلهم، فالحب لا يضر يا سادة، أحسّ بما أحسّ به كل مركب من نفس وجسد وله دماغ وقلب».
أقام الأديب اللبناني مارون عبود تقسيماً لحياة أبي العلاء المعري، بين المعري الشاب والمعري وقد بلغ الشيخوخة. جاء ذلك في كتاب عبود الموسوم «زوبعة الدهور»، حيث سعى لتفنيد الرأي الذي حصر المعري في خانة الرجل اليائس، كاره الحياة وحتى الناس من حوله، فيما الحقيقة أنه، ككل الناس، مرّ في مراحل عمره المختلفة بتحوّلات في السلوك وفي النظر إلى الأمور. أراد عبود النظر إلى سيرة الرجل بصورة شاملة، لا أحادية، تقصرها على ما استشف من محتوى ديوانه «اللزوميات» الذي وضعه في كهولته الأخيرة وشيخوخته.
حول ذلك قال عبود: «توهم الناس، حتى الخواص من الأدباء، أن أبا العلاء خلق منزهاً من الشهوات، بريئاً مما يسميه غيرنا الضعف البشري، لا ينقصه شيء من الكمال في نظرهم (…)، كأنه غير مركب من لحم ودم. إن أبا العلاء، وهذا لا يضير عصمته التي تزعمونها له، قد تغزّل كالشعراء، لانه أحبّ مثلهم، فالحب لا يضر يا سادة، أحسّ بما أحسّ به كل مركب من نفس وجسد وله دماغ وقلب».
أعادنا إلى هذه المسألة مقال مطوّل للمفكر الراحل الدكتور حسين مروة، نشره قبل أكثر من خمسة عقود، في مجلة الثقافة الوطنية اللبنانية التي كان أحد أبرز وجوهها، حمل الدعوة نفسها التي تضمنها كتاب مارون عبود،، مشيراً إلى أن طه حسين في كتابه «تجديد ذكرى أبي العلاء» فعل شيئاً مشابهاً، حين استقصى حياة أبي العلاء «من فجرها إلى مغربها»، وتوقف مروة أمام ديوان أبي العلاء «سقط الزند» ليؤكد ما ذهب إليه هو ومارون عبود وحتى طه حسين، ولنا حول ذلك عودة ولو بعد حين.
«تنميط» أبي العلاء في صورة الشخص المحبط واليائس، جرّ على ذكراه، ضمن ما جرّ، أقوالاً عن ما وصف بكراهيته للمرأة، حتى أن بعض من أجروا دراسات على أدبه استعانوا بمنهج التحليل النفسي ليقولوا إن فقدانه البصر خلق لديه شعوراً خفيّاً بقلة الحيلة، عكس نفسه في تلك «الكراهية» المضمرة للمرأة، مستشهدين ببيت شعره القائل: «بدء السعادة إن لم تخلق امرأة/ فهل تودّ جمادى أنها رجب». لكن مارون عبود يبدد هذا الزعم، موضحاً أن ما حوته بعض نصوص المعري من هجاء للمرأة مردّه تجربة حب فاشلة وغيرته الشديدة على من أحبّ، التي قد تكون وراء هجرته إلى العراق. ساق عبود أمثلة من شعر المعري تُبيّن أنه أحبّ صادقاً، فأليس هو القائل: «أيا دارها بالحيف إن مزارها/ قريب ولكن دون ذلك أهوال»، وفي بيت آخر: «أيا جارة البيت الممنع جاره/ غدوت ومن لي عندكم بمقيل».