احمد الفيتوري
لأن الرتابة ربيبة الريبة، فإن جحافل الرتابة، تجتاح الشارع عند مكان الملهى، ما حول لمدرس للصفيح الكوري، السيار ما غطى المدينة، تحل ريبة تحولني لسلحفاة حرونة تلتمس السكينة في درعها. هذه الريبة تمسك بخناقي، جاثمة على الصدر، حتى مطلع القوقعتين المتحاضنتين المخبئتين عن النظارة، المنحوتة الوحيدة في المدينة، المنحوتة الحداثوية. المنحوتة المدسوسة بين مدرس القعدان الحديدية الكورية، وبين ما لا يلزم من حديد وحفر، وماء ينسكب دون لزوم، هذه المنحوتة يقطعها تقاطع الشوارع، عند مدخل ميدان الشجرة، ويقطعني مرآها مغبونة تكافح غبر الزمان والنسيان. من أجل أن تفهم وتدرك ماهيتها، في مدينة غارقة في المستقبل، دون أن تدرك أن المستقبل، ما يحدث هنا الآن
ولأن من السهل أن يكون المرء حكيماً، بعد وقوع الواقعة، أيمم صوب البحر، في درب التبانة من بشر وحديد ونور وعجلة، في زحام ميدان الشجرة الخلاص، من كل ريبة، حيث يقطع دابر الرتابة. في عين الغزالة، المقهى المرشوشة بعطر النزوة، نزوة الصحبة، في الملتقى أطلب من القهواجي مكياتا، ما جد على بنغازي من مشارب، يشرب الأصدقاء كبوتشينو، ما اعتادوا وما عرفت بنغازي من أيام الطليان، في مطلع القرن الغارب، كنت أقول مازحاً نهاركم أبيض بقليل من البن، وليلي أسود بقليل من اللبن
بين المقهى والمسرح مدرس السيارات، وعن ميدان الشجرة، زبدة بنغازي المبين، أزورغير كاره لسرتها مسرتها ومحشدها، والمدشن الليلي لأهلها المؤوبين بسوء مزاج، وعجز عن التمييز بين الالتزام والتعصب.
أجول فيها نتفة نتفة، أتصفحها وأتفحصها، كأني ما رأيت بنغازي قبلا، قبل هذه الليلة الرمضانية التي تعج فيها بالبشر، مدشنة تحولاً خاطفاً للبصر، ولبصيرة المدهوسين بما مضى، الشاخصين النظر عند بنغازي العجوز، المتشرنقين عنها بورق اللعب: الشكوبة والسكمبيل والطرنيب، المعتكفين في غيهم يعمهون
بنغازي هذا المساء نهد يخض حليب الركب
فيها أسوح، وهي تصب غضبها على آل السياحة، ومن يلطخ حيوطها، من حول عمدانها لعمدان مقابر: قبيلة آل القرنيط ينعون، قبائل بني قبح يعلنون، آل فجيعة يبلغون: أن على من يعثر على صاحب هذه الصورة، أن يتصل بأول مركز، علماً بأن الضائع يلبس بدلة رياضية، ويناهز من العمر رشادا
أتخطى شارع بن موسى على يميني، تفوح في الذاكرة خمارة القوبو، ما تحولت بعد منع الخمر في ليبيا، لمصوراتي. قبل أن أتعدى شارع فياتورينو، عمر بن الخطاب حاليا، لكن الاسم السابق درج، تشدني خيوط، تنسل من ذاكرة ضاجه: هنا ترعرعت، تفوح سينما النهضة، هنا نهضت، ينبثق المسرح الحديث في مكان النهضة، هذه «عباد الشمس» المسرحية الأولى للمسرح الحديث، ولى مطلع السبعينيات أول ما كتبت مسرحية شارع بوخمسين. إلخ، آخ
قشعريرة باردة، ناجمة عن الشعور بالخواء تنتابني: هذا كله دشن مدرس سيارات، قبالة شارع جمال عبد الناصر حيث ثمة مدرس، في مكان الناقوس المدق، أحس أن بنغازي ليست مدينتي، هذه من طبعها طابع ذاتي التدمير
وما أجد في هذا الوجد ملاذا، يعتقني من عتاقة ذاكرتي البنغازية الطازجة، غير أن العتق هو الحرية والعراقة والقدم، كما تدل المادة في معجم لسان العرب، على الجمال والنجابة، والسبق في الخيل ـ هل بنغازي من الموريات قدحا؟ -، والشباب والصباحة في وجوه البنات، وعتاق الطير: الجوارح منها، والعتيق: الكريم الرائع من كل شيء، والعتق: الكرم والنضج، وغير لسان العرب أجدني ملوذاً بالشعر، في الصبر على الوطن، قصيد عامر بن هشام القرطبي: وإنما أسفي أني أهيم بها / وأن حظي منها حظ مغبون / يا لحظ كل غزال لست أملكه / يدنو ومالي حال منه تدنيني / يا ليت لي عمر نوح في إقامتها / وأن مالي فيه كنز قارون /
- بجسارة. Boldly مروى بديدة
- البرق
- قصيدة فريدريك نيتشه ” إلى الكآبة” مترجمة عن النص الفرنسي لغيوم ميتيير
- قصيدة أتحول ل انيز كولتز من مجموعة سأنبعث او سوف احيا من جديد
البقاء لله آل القصب ينعون فقيدهم، من وافاه الأجل المحتوم.. تشاركية المعقل للسفر والسياحة، خبراء في تنظيم رحلات العمرة، كذا تتلطخ المدينة، بما يعزقون حيث ما كان. يدفنها بالورق، صاحب السياحة الدينية، ما تعمر القلوب لتعمر جيوبه وتكدس: أم الغزلان للسفر والسياحة، بمناسبة شهر رمضان المبارك، تُسير رحلات العمرة لسنا الوحيدين لكننا الأفضل. أقرأ هذا على الحيوط، بين نتفة ونتفة، في المدينة المحولة بفضل المقتدرين لمدفن
أفكر بصوت عال أنتم الأفضل، ترمقني السابلة وأكتم وجعاً عند: الشامل للتدريب واللغات، لمساهمة جادة في نشر علوم الساعة، وبفريق من المحترفين. أبسمل الساعة والحاقة يا بنغازي/ كذا تنطق حيوطك المتخفية عنا بالورق
تلكم بنغازي التي كانت وما كانت