
الخميس، 24/4/2025 12:07
لا تزال رواية «ميثاق النساء» للشاعرة اللبنانية حنين الصايغ
تبهرني كلما عدت لمراجعة فكرة فيها أو كتابة مراجعة أو وضع سؤال لجلسة مناقشة، وهي بالمناسبة تجربتها الروائية الأولى، التي قفزت بها إلى دائرة المنافسة من بين ست روايات في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها هذا العام 2025.
وحنين ليست الروائية العربية الأولى التي تذهب للمنافسة على المركز الأول بروايتها الأولى في عمر الثامنة والثلاثين، فهناك روائيون كثر فازت رواياتهم الأولى بجوائز عالمية، مثل الليبي محمد النعاس، الذي نال الجائزة العالمية للرواية العربية عن روايته الأولى «خبز على مائدة الخال ميلاد» عام 2022، أما عالمياً فقد نالت رواية «دكتور زيفاجو» للروسي باسترناك جائزة نوبل للآداب عام 1957، مع أنها كانت العمل الروائي الأول للكاتب الذي لم يكتب سوى هذه الرواية! مع ذلك فقد منعه النظام القائم يومها من السفر لاستلام الجائزة باعتبارها تمثل نقداً لاذعاً للنظام.
رواية «ميثاق النساء» أكثر عمقاً ونضجاً من اعتبارها عملاً أول، تبدو ظلال تجربة حنين الشعرية واضحة في لغة الرواية، وأما تقنية السرد ورسم الشخوص فقد أتقنته حنين بشكل يدل على تمكن وحرفية عالية، وأما إدارة الصراعات داخل مفاصل العمل، سواء كان بين الأبطال وذواتهم عبر حوارات عميقة وفلسفية، أو بينهم وبين محيطهم بكل ما يعنيه المحيط من بشر وثقافة وسلوك وعلاقات، فقد كان متقناً ومنسجماً مع الفكرة الكبرى التي تصدت حنين لمناقشتها وطرحها بجرأة عبر روايتها.
تبدو الرواية للوهلة الأولى رواية نسوية تناقش قضايا المرأة من خلال المنظور الديني للطائفة الدرزية، إلا أن معطف الرواية أوسع من ذلك بكثير، وليست التعاليم المتضمنة في ميثاق النساء الخاص بالعقيدة الدرزية سوى مجرد مدخل للتصدي للخوف والانسحاق تحت رغبات وسلطة الرجل، ومواجهة مخاوف الأمومة والتزاماتها، الأمل والإحباط والتصدي والمواجهة والوقوع تحت ضغط سلسلة لا تنتهي من الالتزامات، كل هذا لم يكن له من مخرج أو طريق للنجاة سوى بالعلم والوعي، ولقد كان إصرار البطلة على احتمال كل أذى لمواصلة التعليم دليلاً على حقيقة أن الحرية تحتاج وعياً كبيراً لنتحرر من جميع مخاوفنا، التي يسجننا فيها ألف سجّان وسجّان!
المصدر: جريدة البيان