مَا كنتُ أدري أنَّ التُّرابَ يُنبتُ وجهي
حتّى ارتدَى الغَيمُ لغةً لا تفهمها جِلدي
وسافرتُ،
فحملتُ اسمِي في كيسِ سَهوٍ
وأهديتُ وجهي للمُدُنِ اللاَّمبَالية
سألني بابٌ عن موطني
قلتُ: هو نسغُ النَّخيلِ إذا ضحكتْ له الأرضُ
وهو خبزُ أمِّي حينَ يبرُدُ في صمتِ القلوبِ،
ويظلُّ دافئًا في الذَّاكرة
رأيتُ من يلوّح لي
بكفٍّ ليست له،
ويزرعُ حولي الألفة
بمحراثٍ من جفاء
فهمتُ:
أنّ النَّوافذَ التي تُفتَحُ للغَريبِ
ليستْ نوافِذ،
بل مَرَايَا تُخادِعُ الضَّوءَ،
وتَكسِرُ صورتكَ بحنكَةِ اللاَّمرئيّ.
الوطنُ؟
ليسَ خريطةً تُطبعُ على الجدَار،
بلْ رَعشةٌ في القلبِ
حينَ يذْكُرُكَ أحدُهم بلُغةٍ
لم تُترجَم قَطُّ
والمسافر؟
هو الذي تأنّبتْهُ الأزقّةُ
لأنَّه لم يحفظ أسماءها،
وأنكرتهُ الأرصفةُ
حينَ مرَّ خفيفَ القَلبِ
كأنَّهُ لم يَتعلَّم الغدرَ بعدُ
في طيّ سَفرٍ
تتجلّى البلاَدُ
بهيئةِ طينٍ تفوّقَ على الذَّهب،
بصوتِ أُناسٍ
إنْ خَانَهم التَّعبير،
صَدَقتْ دموعهم عنهم
فيَا أَيُّهَا العَائد،
لا تعتذرْ إن ذرفتَ حبّك
على حجرٍ يعرِف اسمكَ
أكثرَ من أولئك الذين
ضحكُوا دونَ سَبب،
وصَمَتُوا حينَ كُنتَ الحَنينَ كلّه.