هناء بلال
سقطت دمعة من عينه اليسرى محملّة بكل» الكون كأنها اختصار وتجمّع مُركّز لكل مشاعر الناس منذ أن وجدوا..» عبارة اختزلت كل مشاعر الحزن على فراق من نحبّ، من قصّة «حوار مع الطريق» القصّة الفلسفية من مجموعة «ليس هذا ما كتبت» للدكتور خالد غطاس القصة تعيد الاعتبار لكرامة المرأة التي تتجاوز حدود الحب والرغبة، فهي كيان مستقل قادر على اتخاذ القرار بالابتعاد حين تشعر بأنها ليست مقدّرة بالشكل الصحيح.
الكاتب يصوّر المرأة كصورة للكبرياء الصامت الذي يرفض الانصياع للألم، مما يجعلها في نهاية المطاف أعظم من الحب ذاته.
تضع القصة بين أيدينا تحليلاً فلسفياً وعاطفيا يمزج بين التأمل في العلاقات الإنسانية والعمق الفلسفي للذات الإنسانية
يتناول غطاّس دور المرأة وتأثيرها في حياة الرجل موضوعاً حساساً وعميقاً من خلال معالجة عدة محاور تتداخل فيها المشاعر بالأسئلة الوجودية وتتناوب فيها القوة مع الضعف، والإرادة مع القدر المرأة لدى غطاّس كائن استثنائي يمتلك القدرة على إضاءة حياة الرجل فهي ليست مجرّد شريك عاطفي، بل مصدر للإلهام والتحول يجعل القارئ يدرك أن المرأة تحمل بين يديها شعلة الحب لتعلّم الرجل معاني الرقة والمشاعر، فتنتشله من قساوة الحياة وتجعله أكثر إنسانية ومع ذلك، فإن هذا الدور النبيل يتقاطع مع تحديات الكرامة الذاتية، خاصة عندما يصبح الرجل غير واعٍ لقيمتها الحقيقية النفاق الجميل وصراع الذات بين النفاق الجميل وصراع الذات، عندما يواجه الرجل مشاعر المرأة العميقة يبدو وكأنه يعاني من تضار داخلي بين الأنا والحب يصف الكاتب تصرفات الرجل بأنها مزيج من النفاق الجميل الذي يجعل المرأة تتمسك، وبين تجاهل تدريجي يعكس خوفه من الانغماس الكامل في العلاقة يطرح غطاّس سؤالاً مهماً هنا: هل إبتعاد الرجل هو حماية لنفسه من ضعف قد يراه في التعلّق، أم أنه انعكاس لعدم تقديره للمرأة؟
.. الأسئلة الفلسفية الوجودية
النقطة الفلسفية في القصة تضيف بعدًا آخر، حيث يتساءل الكاتب عن مدى حرية الإنسان في اتخاذ قراراته: هل نحن مخيرون أم مسيرون؟ هل العلاقات الإنسانية مكتوبة مسبقًا في قدرنا أم أننا نصنعها بوعينا؟
هذه الأسئلة تفتح المجال للتفكير العميق في طبيعة الحب والارتباط، وتلقي بظلال من الشك حول مدى سيطرتنا على مشاعرنا وأفعالنا الكاتب يختتم القصة بإسقاط فلسفي على نماذج بشرية مختلفة، ليجعل القارئ يتأمل كيف يمكن أن تتكرر هذه القصة في حياة أشخاص آخرين. المرأة في القصّة قد تمثل نموذجًا للإنسان النبيل الذي يعطي بلا مقابل، بينما يمثّل الرجل الإنسان الذي يخشى مواجهة حقيقته، فتضيع الفرصة بين كبرياء أحدهما وتردد الآخر القصة تمزج بين العمق العاطفي والفلسفي بأسلوب يدعو للتأمل. الكاتب يدعم المرأة ويمنحها دورًا مركزيًا في حياة الرجل، لكنه في الوقت نفسه يسلّط الضوء على ضعف الرجل أمام الأنا والخوف من الحب. إنها قصة عن قوة المرأة التي تتجلى في حبها وكرامتها، وعن رجل أضاع طريقه بين التعلق والابتعاد.