بقلم نهى عاصم
غلاف يغلب عليه اللون البنفسجي وللون البنفسجي في علم النفس دلالة
“اللون البنفسجي يحمل دلالات الإبداع والغموض، كما يحمل دلالات الروحية والإثارة للاهتمام، وغالبًا ما يتم استخدام اللون البنفسجي في الجمعيات الثقافية، ويعد كذلك لونًا ملكيًا”
وفي الغلاف امرأة تقف ترتدي رداءً بنفسجي وحذاءً للبالية وتقف وقفة راقصة البالية “اللون الملكي لراقصات البالية”، ناظرة إلى يسارها وعلى يمينها صورة امرأة مموهة ربما هو ظلها أو ظل امرأة ما
بالغلاف من الخلف حوار يدور بين حبيبين : حبيبة تتعلق بالأمل وبصيص نور حبها وعشقها كما تقول الأديبة وحبيب يطلب منها الدخول في خبايا روحها
ثم تدخل بنا الكاتبة إلى الفهرس ثم تبدأ روايتها بكلمة شكرٍ للأصدقاء الذين كانوا عونًا لمدادها في عملها الروائي الأول ثم مقدمة تتحدث عن أحداث الرواية بصورة مشوقة غامضة تجعل القارىء متشوق لمعرفة حال هذه البطلة التي تعاني من رغباتها وتقيدها الأعراف الاجتماعية
ثم تضع لنا قصيدة جميلة من كلماتها بعنوان: شمس وقمر .. وتبدأ في الرواية بمقاطع شعرية من كلماتها..فالأديبة متعددة المواهب الأدبية: تكتب الشعر والقصص القصيرة وها هي تكتب لنا الرواية
تقابلا في العالم الافتراضي لسنوات وعاهدته أن يتقابلا في الصيف رغم الظروف ورغم سنوات عمرها التي تعدت الحب كما تعتقد، إذ أن كلماته لها جعلها تؤمن بأن الحب لا عمر له، حينما قال لها
“شوقي لهذا اللقاء لا تضاهيه أي أشواق، يجري سيولا، لا حبر يستطيع التعبير عنه، ولا قلم يوفيه الحق القدير”
فتقول له
“مفرداتي لن تكفي ما يدور في خلدي يا صديقي، ثمانية وعشرون حرفًا لا تكفيني …………… فأنا في خوف من اللقاء، لا خوف من الخذلان”
وهكذا نعيش الرواية ما بين شد وجذب، ومخاوف وهواجس وثقة واقناع
اللغة عربية فصحى بسيطة تناسب جميع قراء العربية
جمل الأديبة شاعرية ذات موسيقى رومانسية جميلة فنجدها تقول
“أيها الليل اشهد بما يخالجني من أشباح العشق الجليل، أيها القمر اشهد على كلمات الحب، أيها الروح الهائم في الفضاء، اشهد على هذا الشعور الجميل في زمن القبح”
“بذنب العشق اعترف
كلما نظرت إلى عينيه
آلاف المعاصي أقترف”
“وكفنها تنتظر حضوره، متسربًا إليها من بين قضبان الزمن”
“تعانقت روحانا من خلف قضبان التقاليد”
“نسيت أو تناست أن تصغي لصوت ضمير العشق الذي كان وما زال بوصلة حياتها”
تتحدث الكاتبة بصورة فلسفية عن جدليات الموت والحياة فها هي ريتا وغريب كما أسمى نفسه يتناقشان سويًا في هذه الأمور وفي شتى الأمور.. كما أنها أجادت وصف الحالة النفسية لمريضة السرطان وكيف تشعر وهي تتأرجح بين الحياة والموت
المكان في الرواية تصفه الكاتبه ببساطة من لبنان إلى كندا؛ فها هو وصف جميل للبنان وبيروت والروشة بصخرتها الشهيرة وغير ذلك من أماكن جميلة عرفتها البطلة قديمًا
وما أصعب وصفها وهي تقارن لبنان الذي كان ولبنان الذي عادت إليه بعد ثلاثة عقود فتقول
“أين الجبال التي كانت تكلل بشجر الصنوبر؟ تراها الآن كومة من حجارة الأبنية الشاهقة، أين الدرب الطويل الذي كان ضباب الصباح يغطيه؟ أين أنت يا وطني؟
زمن الرواية في الحاضر مع لمحات بسيطة من الماضي لا نطلق عليها فلاش باك فهي مثل جمل تقريرية عن حال مضى
الشخصيات قليلة جدًا فغير البطل والبطلة تظهر شخصيات على هامش الرواية مثل عامل استقبال الفندق أو الطبيب والمضيفة في طائرة رجوع البطلة إلى ديارها وميكانا وغيرهم
عندما نقرأ اسم الرواية يذهب تفكير البعض إلى كلمة “رغبات” فيتخيلها رغبات ضد الأعراف، ولكن كلمة رغبة لا تعني فقط الرغبة الحسية ولكنها عامة وشاملة لمعان متعددة
كلما قرأت سطور في الرواية تردد في ذهني مقطعًا من قصيدة لفاروق جويدة يقول
“يومٌ وحيدٌ في ربوعك أشتهيه
وسوف أمضي ليس يعنيني
زمانٌ
أو مكانٌ
أو بشر “
إنها حكاية رجل وامرأة قررا أن يستكملا علاقات لم يكتب لها الاستمرار بسبب مجتمعاتهم: قيس وليلى وروميو وجوليت وغيرهم
فهل سينجحان أم سيسطر القدر حكاية أخرى؟
شكرًا إخلاص العزيزة على هذه الهدية، مع تمنياتي بقراءة المزيد من أعمالك وخاصة الروايات، وقريبًا سأقرأ ديوانك الشعري
“وامضي في جنوني”