حسين المزداوي
“قد يبدو لمن يراقبهما، ويتتبع آثار المسافات التي يقطعانها، والأماكن التي يرتادانها كأنه يرى مشاهد سينمائية لرجلين في منتصف العمر مختلفين في الهيئة، بل نقيضين في كل شيء، وهما يطاردان شبح امرأة يتوقعان أنها ستكون في أحد المقاهي التي يؤمها الأدباء والفنانون .. هذا هو المقهى الخامس كما يقول لصديقه صاحب المجلة الممنوعة من الدخول إلى البلاد، وهما يهمان بالدخول إلى المكان .. أما هو فيلعب دور الشخص المهووس الذي ضيع فرصة التقاط اسمها، أو شيء يمكّنه من الاستدلال عليها، عندما التقاها في مقهى المطار، ثم استفاق على خيبته بعد رحيلها مسرعة باتجاه بوابة الطائرة”
بهذه الروح الاستدراجية، تأخذنا الصديقة الأديبة رزان المغربي مغمضي الأعين، فنتتبع خطوات قصصها الأنيقة حتى حافة كأس الكتابة، نغرق في بحيرة عالمها الذي يكشف عن مفرداتها الضاجة بالحياة الأنيقة وصخبها الصامت .. مقاهٍ، مطارات، سلالم، قلق، رتابة، نساء أنيقات، عطور فاخرة، تدخين، عناوين، فنادق، شواطىء ، لوحات وفنانون تشكيليون، مفاتيح، أقفال، ستائر ، إشارات مرور، سيارات، نباتات في أصص كبيرة، شجيرات قزمة، وفوق كل ذلك القهوة/الأيقونة التي لا تكاد تغيب عن أي قصة من قصص رزان مثلما نعرف عن شغفها بها في عالمها الواقعي، حتى أن خلطة معينة في أحد المقاهي الراقية بالقاهرة تسمى (قهوة رزان)، لكونها صاحبة امتياز هذه الخلطة الأخاذة
ونحن نقرأ (مشاهد متعددة للحب) فإننا لا نقرأ كتابات وابداع رزان فحسب، بل نعيش مع عالمها الواقعي، وتلك الدفقة الحانية التي تتأمل من خلالها الحياة وتعيشها بتفاصيلها الحضارية، نرى الوجه الآخر للقصة الليبية القصيرة في بعض اغترابها الهولندي السادر في اكتشافاته ودفائنه اليومية