
عملين دراميين عربيين : المسلسل المصري (لام شمسية ) واللبناني (بالدم ) اكثر عملين تركا بصمة وأثرا لا ينكر ، وحلقا بالدراما التلفزيونية العربية بعيدا جدا إلى حيث يجب ويتوقع من الدراما أن تكون وتقدم ..
أن تكسر الرتابة السائدة وتهشم الجامد وتخلخل الأفكار الثابتة و تسائل المسلمات المدمرة إن لم تحاكمها وتحكم عليها بالموت او بالأشغال الشاقة ..
تفاعل الجمهور العربي مع العملين بشكل كبير جدا ، وانتشرت على مواقع التواصل والمنصات الكثير والكثير من القراءات والمراجعات والتحليلات حول وعن العملين ، آراء كتبها فنانون وكتاب ومثقفون ونقاد وأطباء نفسيون و.. وهذا دليل نجاح بل ونجاح حقيقي وجماهيري ..
لقد انعش العملين آمالنا في وجود دراما نابعة من عمق الاسئلة الاجتماعية والوجودية والانسانية التي يطرحها الناس في كل مكان ومنذ سنوات طويلة ، وكان على الدراما ان تتصدى لها ، لكن الدراما بما توافر لها من امكانيات وموارد مالية ومقدرات انتاج وطاقات فنية تعثرت طويلا بالكثير من العراقيل والمشتتات والخلافات وسقطت في فخ اعادة انتاج الأفكار الرتيبة والمملة والتي لا تغني ولا تسمن من جوع .
صرنا نودع موسما رمضانيا بقصص الراقصات والبلطجية والصراخ والحارات الملتبسة بقصص النصابين والمجرمين وقصص الخيانات التاريخية والراهنة والتفاهات والضحك الفارغ لنستقبل موسما جديدا لا يضيف شيئا إلا في أضيق الحدود ..
اخيرا أشرقت شمس الدراما بأكثر من عمل هذا العام ، لكن هذين العملين تحديدا احتاجا للكثير الكثير من الجرأة والقوة والاحترافية في تصديهما للموضوعات التي عالجاها ، كما احتاجا لأدوات محترفة في المعالجة وكتابة الحوارات واختيار طاقم التمثيل ..
مسلسل (لام الشمسية ) تصدى للعديد من الإشكالات والقضايا الحساسة والمسكوت عنها و التي تمس كل منا مباشرة وطرحها منطلقا من فكرة أساسية في العمل وهي (التحرش بالأطفال) من خلال شخصية المتحرش المتسلسل الذي هو في الوقت نفسه المعلم المؤتمن على الأطفال وسلامتهم وأمانهم وأخلاقهم وقيمهم ومستقبلهم ، فاذا هو يدمر كل هذا بالانسياق وراء شهواته المريضة !
بهذا يصرخ صناع العمل عاليا بكل ام وأب وأسرة وبالمجتمع كله لان ينتبهوا لادوارهم ومسؤلياتهم تجاه الاطفال وان يتصدوا للأخطار المحدقة بهم ، وحين يعرفون عليهم أن لا يدفنوا رؤوسهم في الرمال تحت اوهام ومخاوف وأشباح الفضيحة وكلام الناس لأن الضحية في النهاية ليس الأطفال فقط الاطفال ولكنه المجتمع بأكمله !
اما المسلسل اللبناني (بالدم ) فيتصدى لقضية الأمومة وأشباحها وقداستها وانتهاكاتها مثيرا سؤال ( من هي الأم التي تلد ام التي تربي ؟ من هي الأسرة التي تحتضن ام التي تفقد ابنها في لحظة اجرام ، وفكرة شيظانية يتم خلالها تحويلهم إلى مجرد سلعة تستبدل وتؤجر وتباع وتشترى عن طريق عصابات تجارة الاطفال حتى لا يعود للبشر مكان من الذاكرة وللعلاقات مكان من التقديس ..
ان كل الذي طرحه العملين بكل شفافية وجرأة واقع موجود يعيشه الاف البشر في عالمنا ويتجرعون مراراته وقسوته .. لذلك لابد من المكاشفة وكشف الحقائق عبر اكثر الوسائل والأدوات جماهيرية : الدراما والادب والسينما .