(قصة القميص الأسود)
عنوان القراءة: إضاءة الألوان في قصة القميص الأسود
د. ابتسام صفر

اجتمعت الألوان في قصة القميص الأسود وغطت دلالاتها الجمالية على أرجاء القصة وأعطت قيمة فنية في مضمونها الاجتماعي كذلك شكلت الألوان حالة البطلة في حركتها وتصوير مشاعرها ومواقفها في النص القصصي واحتوت القصة على ألوان ومترادفات متعددة أسهمت في الارتقاء الخطاب السردي على النحو الآتي:
1- اللون الأسود:
بدأ اللون الأسود في الظهور من عتبة عنوان النص القصصي (القميص الأسود) يرمز إلى الحزن، الحكمة في اتخاذ القرار، السيطرة على الذات، القميص الأسود دلالة رمزية على الغموض وتركت الكاتبة الألوان الزاهية والمتنوعة واتخذت اللون الأسود القميص الرسمي للبطلة عند المقابلة مع شخصيات مهمة في العمل او اللقاءات العلمية والثقافية وقد صورت الكاتبة حالة البطلة قائلة (لقد انتهى اللقاء تنفست الصعداء ارخت يديها على الكرسي بعد أن أغلقت الحاسوب) رسم ملامح التعب والإرهاق بصورة واضحة للبطلة.
كانت البطلة أنيقة في اختيار ملابسها التي تناسب حالتها النفسية وتؤثر على سلوكها واعتمدت على الألوان للتعبير عن مشاعرها الداخلية بالحوار الداخلي الذي ينبض بالسوداوية (الأشباح، الشاشة) كلمات متصلة بالسواد في شكلها ودلالاتها اللفظية والمعنوية
2- اللون الأبيض:
شكل اللون الأبيض حركة الشخصية وقوة دورها داخل المكان (البيت) واتسم بالنشاط، العطاء، البهجة، الوضوح في رؤية المشهد (تناولت القميص الأبيض بدلة العمل) وقفة جمالية في النص مفادها تبادل الألوان بين الأسود والأبيض وتغير حالة الشخصية إلى الأحسن والعودة إلى طبيعتها بعيدة عن التكلف.
3- اللون الأخضر:
فسحت الكاتبة المبدعة المجال الواسع للمتلقي لقراءة الألوان وأثرها النفسي لحالة البطلة المتقلبة في مزاجها من السكون إلى الحركة.
(ابتسمت وأنا أفرش أوراق العنب الخضراء وكأنها خارطة كونية أمامي) اللون الأخضر دلالة الراحة، النقاء، الحياة، الجمال البصري، الذي يبهج النفس ويحفز الروح نحو الأمل وارتبط اللون بصوت العصافير دلالة قيمة في النص شكلت فيه حاسة السمع والنظر وتغذت الروح الإنسانية بالتأمل ومواصلة العمل.
4- اللون الرمادي:
انتقلت الكاتبة بين الألوان التي شكلت سيمائية النص وعلاماته العميقة نحو الاهتمام بالذات والتلطف بها (عصفور صغير يصفق بأجنحته الرقيقة) (رمادي يبحث عن طعامه) اللون الرمادي هو مزيج من اللون الأبيض والأسود ويمنح النفس بين الوضوح والغموض، حالة الرضى غير التام، والتفكير الهادئ في الذات بصورة مختلفة عن الألوان السابقة.
لقد تدرجت الألوان في النص وارتقت بالخطاب السردي والتنوع المفردات الأدبية وانشغال القارئ بمتابعة البطلة في حركتها وسكونها وحالتها النفسية.
5- اللون المخفي أو لون الحب:
وصلت الكاتبة إلى نهاية الحدث وكانت الصورة بدون ألوان لتترك المتلقي يصور ما يشاء من ألوان مناسبة عن طريق قراءة ما وراء السطور وسميته باللون المخفي لأنه لم يذكر اسم اللون في القصة (ماذا يحمل هذا النهار بعد من أدوار؟ الحب ربما؟) وهو لون الحب لون الشوق والإثارة قد يكون اللون الأحمر أو الأبيض وتكون كلمة النهار دالة على الأزرق وأرى أن الكاتبة ختمت النص رمزية اللون وهو النهار الذي يدل على الانطلاق والخروج من دائرة العمل داخل البيت فاتسع الفضاء للشخصية وتركت الكاتبة النهاية بألوانها مفتوحة عند القارئ يصور بخياله الألوان القادمة المؤثرة في القصة.