قراءة تحليلية نقدية لرواية “في بيت المسنات الصغيرات”
للكاتبة نُهى عاصم
بقلم شروق مجدي.
عندما سمعت العنوان سألت نفسي هل هن بنات في سن المراهقة يعشن في إقليم ما يصارعن البيئة المحيطة بهن: أسرهن ومجتمعهن فقررن الهروب والعيش بعيدًا عن هذا المجتمع ذو التفكير العقيم؟
أم هن فتيات صغيرات حرمن من ذويهن وعشن في دار للرعاية وتلقين العذاب بألوانه فقررن الهروب، كل واحدة تحمل همها.
تميزت الرواية بعنصر المفاجئة حقًا هن صغيرات مسنات, قلوبهن لا زالت شابة.
سارت الكاتبة على المنهج الاجتماعي التاريخي، كما تميزت بالواقعية الممزوجة بالفانتزيا، وكانت الكاتبة ذات خيال
واسع, وأرى هنا أنها تود أن تقول أعمالكم انطقت الحجر، هو صراع بين الماضي والحاضر، وقد نجحت الكاتبة في خلق الحوار والمناقشات بين طلاب الجامعة فمنهم مَن يحب دراسة الإنسان المصري القديم ومنهم مَن يحب فقط دراسة التاريخ الاسلامي، وهي ترى أنه مَن لم يكن له ماضي لا حاضر أو مستقبل, ومثلما يوجد بالتاريخ صفحات بيضاء يوجد به صفحات سوداء، لكن من الضروري أن نتعلم من أخطاء الذين سبقونا، وكانت هبة صديقة حياة خير نموذج؛ تتعاطف مع مَن يكره الماضي، فكل واحدة منهن يسكنها وجع، تتفق مع حياة في آراءها..
تضع الكاتبة إصبعها على مشكلة هامة وهي خجل بعض الشباب من بلدهم وأصلهم ورغبتهم في الهجرة فلا يرون إلا عيوبها لا ينظروا إلى العراقة والأصالة وجمال الفن, بل يسخرون ويعتبرون الأهرامات والتماثيل مجرد حجارة، بمصر كنوز وثروات لا ندرك قيمتها، لذا استخدمت الكاتبة اسم هبة رمز لعطايا الله سبحانه وتعالى، كما أنها تمثل مصر صاحبة الشوكة القوية, كان عليها ذبح الخوف فهي شامخة عزيزة صامدة قاومت الظلم ببسالة.
كما استخدمت اسم حياة رمز للتفاؤل والأمل..
الرواية مكتملة العناصر من زمان، ومكان، وتسلسل الأحداث بالغة ذروتها في النهاية. وتميزت بالسرد على لسان الراوي العليم تعايشت الكاتبة مع أهل منطقة كوم الدكة كأنها واحدة من سكانها، وأوضحت مدى احتضانهم لأهل البلاد الإخرى وهذا ينطبق على مصر الحاضنة..
وضعت الكاتبة ما يعرف بالاستراحة كلمات أغاني للشيخ سيد درويش مغني الشعب وأغاني بلاد النوبة مظهرة التبادل الثقافي بين المكانين وتاريخهما العريق.
وفقت الكاتبة في اختيار ابو الهول فهو يجمع بين القوة والشجاعة والعقل، وهول هو الإله حول رب المعرفة والتي حُرِفت إلى هول.
صورت الكاتبة صراع الأجيال والذكاء الاصطناعي، كما تميزت بلغة تشويق والكاتبة كعادتها متأثرة بالفنون وبإحساس عال إذ تعاطفت مع كل شخصية من شخصيات الرواية، حتى ابوالهول جعلته يتساءل،يصرخ: لماذا تم تشويهي بهذه الطريقة المفجعة؟ فتجيبه حياة تجيب متنهدة شارحة له.
كما اتسمت الكاتبة بقوة الأسلوب حتى النهاية والتي جاءت مفاجأة.
