قراءة بقلم سليمان جمعة
القصيدة الهاربة
بحِجابِها الأسودِ، وحيائها المُنتَقِبِ؛ ارتَقت درَجَتينِ إلىٰ المَنصةِ، ألقَت أولَ نُصوصِ شِعرِها الوليدةِ هذا العامَ، قرأتْ قصيدةً عاريةً، تلَتها بأخرىٰ فاضِحةٍ، ثمّ أنهَت الثلاثةَ بأكثَرِهِم وقاحَةً، وسكَتَت؛ صَفّقَ الجميعُ مَشدوهينَ، ترَجّلَت على نَفسِ الدرجِ، لكِنّها انكَبَت علىٰ وَجهِها، تعثّرَت بواحِدَةٌ مُتدَثِرَةٍ بثَوبٍ باكِ؛ هرَبَت مِن بينِ طيّاتِ الديوانِ؛ لأنّها لم تُقرأ
سماح رشاد
________
//القراءة //
مجتمع النص
متشظ على ذاته
ومتناقض بين شكله ومضمونه
بين وظيفة الادب /الشعر
كمضمون قيمي جمالي وما تفاعل معه جمهور المتلقين
ان النص الادبي يبنى من بنى معرفية بحركة محددة
الراوي يشاهد كالشخصية من خارج .. شاهد وسمع ورصد ..المكان والحركات التي شكلت المشهد العام بالوانه واصوات وحركاته
البنية الاساسية امسية شعرية لشاعرة
حركة الشاعرة وزيها
هي محجبة بلون اسود وحياؤها منتقب ..اي ذكر الاثر واخفي الوجه الذي يظهر فيه الحياء الانثوي ..وذكر ذلك توطئة ..اذا لا شيء مجاني في النص ..ستر الحياء ..وكذلك لقدس الادب استعملت ..ارتقت وهو من السمو والدرجات اي نحو الاعلى ليتناسب مع سمو ورقي الشعر ويتناقض ذلك مع .. ما القت الشاعرة والالقاء غير الاداء والقراءة والتلاوة ..فهو التخلي عما لديه … زيها يحيل الى التزام ديني معين .. أو بما يتناسب مع ثقافة السلطة او الرأي العام او ثقافة الطاعة … فمن الطبيعي ان يكون المضمون الشعري فيه التقوى او ضمن معايير اخلاقية وجمالية ..ولكن الالقاء كان مضمونه عاريا بلا حجاب بل سافر وفاضحا اي خارج حديقة الترميز ووقحا بعيدا عن التأدب والاحترام .. اللغة لا اخلاقية ومباشرة ..تخالف اللغة الشعرية فالشعر يكون بالاشارة والتلميح والرمز .والايحاء وكلها تستوجب التأويل ..والخيال..وهناك يكون عالم من الجمال …اما المباشرة فغرق في واقع يريد الشعر ان يتجاوزه .. هنا التناقض وقع ..بين عري الشعر وحجاب الشاعر ….وهكذا .لنصل الى المتلقي الجمهور الذي تفاعل باندهاش مع هذا العري والفضح والوقاحة فصفق اي دل على مستوى مختلف للتذوق الادبي ..فهذا امر غريب …. فمنصة الشعر الراقية في واد والشاعر والجمهور في واد… ان شعبي اتخذوا الشعر مهجورا…. وقد يكون تعرية وفضحا واقتحاما وقحا للثقافة السائدة والثابت المتحجر اي انها اي الشاعرة انقلبت على شكلها ..فانبهر الجمهور وتفاعل معها .. والباكية هي المتوافقة التي خذلتها الشاعرة فهربت من الديوان ..والانكباب يكون تحطيما لوجه قديم ..او من وجه آخر
ليكون في النص حجابا تخيليا برعت الكاتبة في وضعه ..بفعل : سكتت.. كانما هو وعيها لذاتها الشاعرة .فانكبت على وجهها..بفعل لازم اي بفعل وعييها للتناقض ولخيانتها لكل روحية الشعر ..ولكنها كشفت المتلقي ومستواها وهجره الروحية ايضا
لنأتي الى الرؤية التي قفلت بها النص ..” تعثرت بواحدة بثوب باك هربت من الديوان”
ولم تقرأ… ثوب باك .. اي حقيقة الحجاب حيث يتوافق الشكل والمضمون..فالاسود هو للحزن والبكاء ..فاتت بالاثر كما فعلت بالحياء ليسمح لها بالقول العاري والفاضح والوقح ..اذ سترت حياءها ..وهنا الثوب بكى عنها ليذكرها بمضمونها ولا يكون بكاء الا من انفعال داخلي… فالقصيدة التي لم تقرأ هي الشعر الذي يرقى درجات المنصة وهي تهبط اعثرها …. ليذكرها بالرقي ..
اذن النص ببنيته اي حفل الشعر والشاعر والجمهور والمنصة ..بنيت حركته
لتظهر التناقض في بنية الثقافة والمجتمع معا .. بين الشعر وماهيته..وما صارت الآن ..وما يظهر المجتمع وما يبطن
فالشكل لا يدل على المضمون ..وهذا من التشظي اقساه ..الحركة ومعناها ..غاب التأويل
وهو صلب العملية الابداعية ..وغاب الحياء والرصانة والعمق الثقافي كما القيم ..الجمالية ..
هذا التشظي فصل النص بينه وبين الوعي بفعل …”سكتت”
ليكون عالم آخر لا تناقض فيه .. اذ الاسود يبكي لعلة البكاء .. والهروب من ديوان شعر يخالف قيم الشعرية ….اذ الهاربة تآلفت بين شكلها ومضمونها
فالنافذه هي السكوت والانكباب على الوجه كصدمة .. لا ترى الواقع هذا الغرقى فيه
فالهروب إلى واقع القيم والايحاء ..اي جمهور الوعي والتلقي الذي يوافق الشعرية
هل كان النص بوجهين مركبين مع التناقض مرة بين الشاعرة وزيها ومرة مع الواقع ومرة مع الجمهور وتوقعاته.. النص يقلب الموازين