- من حيث العملية السردية والحبكة
استطاعت الرواية على الرغم من ازدحام المشاهد وغزارة الحوادث أن تحافظ على حبكة متماسكة نسجت من التحام الشخصيات بالأمكنة والأزمنة وقدرتها على افتعال الحدث وإحداث تأثير في جسم الرواية معتمدة بشكل كبير وأساسي على عنصر التشويق فقد حملت الكاتبة بانسيابية وخفة القارئ إلى مواقف تقودها الدهشة والصدمة الإيجابية والمؤثرة، فغزارة الحوادث والمشاهد وتتابعها بإيقاع زمني سريع كسر حاجز الرتابة وأضفى الحيوية الحركية من خلال تقنية إيقاف اللحظات عند حدودها الحاسمة وإدخال القارئ في حدث جديد يعاد فيه هذا الايقاف حتى يبقى القارئ حبيس الأنفاس تجاه معرفة التكملة ومشدودًا للنهاية.
لكن هذا التتابع السريع قد يخذل القارئ أحيانًا لعدم قدرته على إبقاء ذهنيته مواكبة للحوادث والتغيرات بسبب عامل التشتت والنسيان.
- من حيث العملية الوصفية
تميزت الكاتبة بقدرتها على نقل المشاهد وتصويرها تصويرًا حيًّا يختصر البعد المكاني بين الرواية والمتلقي، هذه القدرة منحتها إمكانية أن تجعل القارئ شريكًا مع الشخصيات في التماهي مع الأمكنة والإحساس بها والتأثر بانعكاسها على حياتهم النفسية، إلى جانب دقتها في تتبع حركات الشخصيات ونقلها بواقعية شديدة بعيدة من المبالغة والتضخيم، إلا أن هذا الأمر لم يجنب الرواية في بعض المواضع الوقوع في فخ الإطالة بحيث انقسم العمل الروائي إلى قسمين القسم الأول يقوم على الوصف مع البطء في العملية السردية والقسم الثاني يقوم على التلاحق السريع للحوادث مع وصف يعيق هذا التعاقب ويكسر من حيويته.
- من حيث الأسلوب
انتهجت الكاتبة أسلوبًا فريدًا في عرض لغتها إذ مازجت بين اللغة الأدبية والفلسفية وعلم الأساطير، وقد أجادت توظيف الأبعاد الموضوعية للأسطورة مما أثرت في الرواية وأضافت طاقة جمالية وفنية ناتجة عن التناص الديني والأسطوري، مما حرك في القارئ عنصر التحليل واكتشاف الأبعاد المقصودة منها فهو بالتالي لا يتلقى العملية السردية فقط إنما يساعد في تفكيك مضامين الرواية.
- من حيث الأفكار
لم تكن الكاتبة متخفية بشكل حقيقي داخل العمل الروائي، وإن كانت الشخصيات هي التي تتولى الكلام عن نفسها، إلا أن الكاتبة ظهرت بأفكارها واعتقداتها واستغلت وجود الشخصيات المحورية لتمرير ما تؤمن به وتعتقد به، هذا الأمر يبدو طبيعيًّا في الأدب ذلك أن الموضوعية نسبية ولا يمكن أن يتجرد الأديب من ذاته، لكن النقطة المهمة في هذا الموضوع هي أنها سمحت لأفكارها بالطغيان على مساحة الأفكار التي تحملها الشخصيات المعارضة، بحيث برزت أفكارها على امتداد صفحات في حين خصصت للأفكار المعارضة بضعة أسطر، وهذا موضع نقاش لأن الكاتب الأدبي يزيد من قيمة عمله حين يسمح لمختلف الآراء ووجهات النظر بالظهور والبروز بمستوى واحد كي لا يظهر تحيزه وليترك للقارئ حرية تحديد موقفه بعد صنع رأيه الخاص .