بقلم الدكتور حمزه علاوي مسربت .العراق _ بابل
جررت هزيمتي واكفيت بالصمت
وحدهم الاموات من لهم عنوان ثابت
ساغادر دون ترك دلالة
، الاعلان عن شيء
ساخرج روحي من جسدك
الذي رفض شوقي
ركل احلامي
تلك الروح التي حطمت قضبان الأشياء
تتجه للنمو بطريق آخر
كم من جحيم عبرناه معا
كم جبل حطمناه بنبضات قلوبنا
هي حسرة اللاعودة
وأظنها هكذا
ممزوجة المرارة
حدّ اللعنة متوثبة الفرار
تصغي للسراب وتترك الماء
لا لا لا
سيتركها الماء لتعيش في حمأ الفراق
ورقة فارغة من كل الأشياء
استهلت القصيدة بالانكسار والنكوص ، والاكتفاء بالصمت ؛ انها لحظة ترقب..توجس .. هواجس ذاتية عائمة على كلام توانت عندة النقط ، ضنون قطنت عالما باطنيا يترقب ما سيظهر ..صفير جثم على فاه تغصص بالحزن والاسى .جرد الشاعر نفسه من كل العناوين .. خطت خطواته مسيرة تلاشت عند افق البصر ، ولم يبقى له شاهد سوى القدر يلفه بلمحة من البصر . تصحرت هويته بلا عنوان ودلالة ؛ هذا يدل على الاحباط والمتاهة . اناط الشاعر النص الشعري بالثابت _ شاخص القبر _ والمتحرك_ ذاته _ التي نزلت في عالم التية . تعطي هذه الثنائية الحركة الزمنية والمكانية للنص الشعري . حطت صورته الشعرية مابين الدال _ شاهد القبر _ والمدلول _ الموت _ ؛ وجعل من الصمت قاسما مشتركا بينه وبين الاموات . يرد حرف _س_ في الفاظه للدلالة على القلق ، الحيرة ، انحداره المتموج وما هو القادم من الزمن ؛ فضلا عن انه يتوافق بصفيره مع صمته . يعد خروج الروح عن الجسد الشعور بالغربة والاحباط ؛ ولهذا يستخدم الشاعر بيان التعليل في جملته الشعرية ، اي انه ذكر علة غير علته الحقيقية ، فخروج الروح يمثل العشق السابت في فؤادها : تعبير مجازي يعزز من بلاغة الكلام . يستوطن الطباق السلبي ما بين القبول والرفض للآخر ؛ وهذا ما يعزز قوة الصورة الشعرية ويمنحها حركة اهتزازية تؤجج الحالة الذهنية للمتلقي بحثا عن ولادة دلالة جديدة _ الهجر
_ . لن تموت الروح التي زرعت فيها ، بل غادرت الى طريق آخر تأوى اليه وتلوح من جديد ، وهذا ما يعبر عن صراع بين الموت والحياة ، ينتهي بالهجران والظفر بالانبعاث من جديد. يستخدم الشاعر التكرار الاستفهامي الخبري الذي يحمل دلالات الوعيد ، ولفت الانتباه والتكثير ؛ وكذلك يمنح المتلقي تحفيزا ذهنيا للبحث عن نية الشاعر . تطرح القصيدة حركة زمنية دؤوبة ما بين ماض من الاتصال ، حاضر من الانفصال ومستقبلا من الرحيل وفناء ما كان وسيكون. اصبحت لغة الشاعر حروفها من التأفف ، الندم ، غدر الزمن .. فاقد الامل .. مهاجر ..تاركا خلفه جبل من الوهم .. قانعا بالقدر . خلق توازنا معنويا بين الروح ونبضات القلب في تحطيمها الصعاب ؛ فالروح هي الطاقة الايجابية للقلب . يعطي التضاد والتوافق قوة حيوية للنص الشعري وتخرجه من اطار الملل . يعاود الشاعر استخدام الاشارة_ هكذا_ للتوكيد والاشارة الى التنبيه والتشبية . اخذ الشاعر يحاور ذاته ويتجرع المرارة واللعنه ؛ انها يقظة الفرار ، تمعنت النظر في السراب ، لا للماء ، انها الوهم .. الافتراء .. الغيظ والبهتان . اختتمت القصيدة بتموج من النفي المكرر الذي يحمل دلالة جديدة لنهاية الحكاية . يدفع التكرار الى زيادة المد الايقاعي الموسيقي للنص ، ويمنح فرصة للمتلقي للانغماس داخل النص بحثا عن المستور . حملت نهاية النص فعلا _ تترك الماء _ورد فعل_ سيتركها الماء . تعمل هذه التكرارات اللفظية على الترابط ما بين انساق القصيدة .واخيرا اتخذ من الورقة البيضاء رمزا دلاليا للإملاق والضياع