أكد عدد من الكتاب والمثقفين الإماراتيين أن الكاتب الإماراتي حاضر وبقوة، وأن الإمارات لديها أدباء مرموقون يستحقون التقدير، فهم قدوات للجيل الصاعد، ونبض حي مدهش في الثقافة الإماراتية، موضحين أن الكاتب الإماراتي قادر على تقديم منجز إبداعي مميز.
وفي تصريحات خاصة لـ24 بمناسبة يوم الكاتب الإماراتي، دعوا لإيجاد مساحة تمكن المؤلف من الالتقاء بالقرّاء، ونشر منجزه كما أشاروا إلى بعض التحديات التي تتعلق بطباعة ونشر هذا المنجز، والإعلان عنه والترويج له، وإلى عقبات أخرى تتعلق بالتشجيع، والدعم، والاحتفاء، وفتح منافذ وبرامج لهذا الكاتب للتحرك في المجتمع، مؤكدين أن يوم الكاتب الإماراتي يمثل تقديراً لكل من يحمل على عاتقه نبل التغيير.
يقول الأديب الإمارتي ناصر البكر الزعابي: “الكاتب الإماراتي يعشق التحديّات، فهو ليس بعيدا عن المتغيرات المعاصرة، و يمتلك أدوات إبداعية متعدّدة، ولا يهتم بالتنميط وتكرار المضامين المستهلكة، و نتج عن ذلك ظهور كتابات جديدة تقارب علم النفس والاجتماع و الفلسفة في قالبٍ أدبيٍ رصين، ولا شك أن كتّاب العالم أجمع يشعرون بالفوارق التقنية بين الماضي و الحاضر، ومدى تأثير المرئيات الثقافية بوصفها رافد متجدّد في الحراك الأدبي، لذا نلاحظ وفرة البرامج الثقافية العصرية و التي أتمنّى أن تصل إلى معظم أفراد المجتمع بحيث لا يكون عالم الأدباء غريباً على البعض، أو مخصصاً للنخبويين فقط”.
ويضيف: “كما أن كبار الأدباء و المفكّرين العرب لا يخفون إعجابهم بكتابات الجيل الصاعد المفعم بالحيوية، و الذي تجاوز الترهّل الذي أصاب بعض الأجناس الشهيرة، و بعض الجماعات الأدبية التي تحاول اجترار أفكار قديمة عديمة جدوى، لذا فإن الكاتب الإماراتي حاضر و بقوة و أمامه المزيد من الجد والجهد ليقدّم منجزات إبداعية مبهرة، ولدينا أدباء مرموقين يستحقون التحيّة والتقدير فهم قدوة للجيل الصاعد، ونبض حي مدهش في الثقافة الإماراتية المعاصرة، فالكاتب الإماراتي قادر على تقديم منجز إبداعي مميز دون صعوبات أو معضلات لأنه يعيش في دولة العطاء و القيم الإمارات الحبيبة”.
وفي إطار أهم التحديات التي تواجه الكاتب الإماراتي، تقول الكاتبة الإماراتية، رئيسة التفرد للنشر شيماء المرزوقي: “رحلة الكتابة والتأليف، طويلة وشاقة، وكل من توجه نحو الكتابة الإبداعية، يدرك ذلك الجهد، ومشقة الطريق، لذا يحتاج الكتّاب والمؤلفون، لعدة برامج من الدعم والتشجيع، وخاصة في مرحلة النشر، وهي أهم مرحلة في مسيرة العمل الأدبي الإبداعي، ما قيمة النص، الذي اشتغل عليه مؤلفه طويلا، إذا لم يجد الطباعة، ثم مساحة للانتشار والتوزيع، والحقيقة، أن البعض ممن يكتب ويؤلف، يجد صعوبة، في نشر منجزه الإبداعي، لأن دور النشر لها متطلبات، ودور النشر، معذورة، فالضغوط على الكتاب متعددة وكثيرة، وتكاليف صناعة الكتاب أيضا في ارتفاع، يقابلها تدني في منافذ البيع والتوزيع”.
وتضيف: “من هنا نلمس ونلاحظ أن المعضلة، أو التحدي، متعدد، وله جانبان: الأول المساحة التي تمكن المؤلف من الالتقاء بالقرّاء، ونشر منجزه، والثانية، أهم عملية، وهي تلك التي تتعلق بطباعة ونشر هذا المنجز، والإعلان عنه والترويج له، وهناك عقبات أخرى، تتعلق بالتشجيع، الدعم، الاحتفاء، وفتح منافذ وبرامج لهذا المؤلف للتحرك في المجتمع، لذا نحن نحتاج لمبادرات، تستهدف المؤلف، وتحديدا، تستهدف إنتاجه الإبداعي، نحتاج ورش أدبية، وبرامج تدريب، ومحاضرات، تقيمها الوزارات والهيئات والمؤسسات الثقافية والأدبية والاجتماعية والمعرفية، في الدولة”.
وعن أهمية الكتاب والكاتب بهذه المناسبة الجميلة، تقول الناقدة والأكاديمية الإماراتية الدكتورة مريم الهاشمي: “للكتاب أثره في تجذر الذات وثباتها ما ينعكس على ثبات المجتمعات واتزانها، ومن هنا جاءت الكتابة لتحمل جذورا وأهدافا مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسان، الذي هو أصل الإبداع وهدفه، فكانت الإنسانوية كمفهوم فلسفي حاضرة في الإبداع الحضاري كونها مفهوما ومذهبا فلسفيا تركز على الإنسان كمحور لتفسير الكون بأسره، وتعنى الإنسانوية كذلك البحث في الفنون والعلوم التي تنمي إنسانية الإنسان أو تعيده لأصله الإنساني الذي فقده بفعل عوامل الحداثة وما بعدها، كما أنها تُعنى بالثقافة الحقيقية التي تعمل على معرفة حقيقة ممارسة الحياة من رحم التراث الثقافي، وإن أنجع طرق الوعي هو طريق الثقافة والتراث الإنساني والمادي بكل أنواعه، فهي تملك القدرة في أن تحفظ هوية الذات المنتمية لتاريخ وحضارة وبطولات وأخلاق ومُثل كالحضارة الإسلامية أو العربية على السواء، وإن مثل هذا المنحى من تشكيل الثقافة المادية والروحية، ككتابة التاريخ ودراسته تجعل كل الذوات في المجتمعات الإنسانية تتحول إلى “برومثيوس” الذي كان يقبس النار الإلهية، ويأتي بها إلى أرضه، ويوصلها إلى قومه فيهتك أستار الظلمة ويبدد برودة الشتاء”.
وتختم الهاشمي: “الكتاب -من منظور تاريخي هدفه التعريف بالعناصر التاريخية المرتبطة بالأرض ومن ثم بالإنسان المنتمي لهذه الأرض- ما هو إلا تعبير سيميائي بمستوى مختلف عن اللغة وإلا سيكون أدبنا ونتاجنا الثقافي مبتورا عن واقع الحياة، فالعلاقة بين الثقافة والحياة لا تقبل الاستسهال ولا تحتمل الاختزال، ذلك أن العلاقة لا تحدد تصور الثقافة بربطها باللانهائي وحسب، بل تستدعي الحضور حيث يغدو محددا للحياة والهوية والانتماء التي يهبها الأدب، والكاتب بكل هذه المعطيات يستطيع أن يخلد تاريخه بما يملك من تأثير في الحياة والذوات، وجاء يومٌ للكاتب الإماراتي تقديرا لكل من يحمل على عاتقه نبل التغيير ونوافذ تفتح على حيوات كثيرة يمكن أن نمارسها في حياة واحدة”.