تقليديًا، يلجأ المراهقون إلى بعضهم البعض لطلب النصيحة، والمغازلة، ومشاركة الأحاديث العميقة. لكن دراسة جديدة أظهرت أن ما يقارب ثلاثة أرباع المراهقين في الولايات المتحدة استخدموا أداة ذكاء اصطناعي واحدة على الأقل لهذه الأنشطة.
تُوفّر أنظمة الذكاء الاصطناعي الحوارية مثل CHAI، وCharacter.AI، وNomi، وReplika فرصًا جذابة للمراهقين لتجربة أدوار مختلفة، أو طلب الدعم النفسي، أو حتى لمجرد الدردشة.
تأتي هذه النتائج من دراسة وطنية تمثيلية صدرت يوم الأربعاء عن منظمة Common Sense Media، وهي مؤسسة غير ربحية تراجع وسائل الإعلام الموجهة للشباب وتدعم الأبحاث. ركزت الدراسة على ما يُعرف بـ “رفاق الذكاء الاصطناعي” — أي “أصدقاء أو شخصيات رقمية يمكن التواصل معها عبر الرسائل النصية أو المحادثة في أي وقت” — بدلاً من التركيز على المساعدين الرقميين أو مولدات الصور أو الأدوات المخصصة للمساعدة في الواجبات المنزلية. وقد أظهرت النتائج أن أكثر من نصف المراهقين — بنسبة 52٪ — يستخدمون هؤلاء الرفاق بانتظام، أي عدة مرات في الشهر على الأقل.
يقول مايكل روب، رئيس قسم الأبحاث في المنظمة:
“يستخدمون هذه الأدوات بغرض الترفيه، بدافع الفضول. لا يزالون يقضون وقتًا أطول مع أصدقائهم الحقيقيين ويجدون المحادثات البشرية أكثر إرضاءً. لكن إذا نظرتَ بعمق، ستلاحظ أمورًا مثيرة للقلق.”
على سبيل المثال، صرّح ثلث المراهقين الذين شملهم الاستطلاع أنهم ناقشوا قضايا جدية مع رفاق الذكاء الاصطناعي بدلاً من الحديث مع أشخاص حقيقيين، مرة واحدة على الأقل. وتحدثت نسبة مشابهة عن أن هذه المحادثات كانت مرضية بنفس قدر، أو أكثر من، المحادثات مع البشر.
وتعتبر مرحلة المراهقة وقتًا حاسمًا لتكوين المهارات الاجتماعية، والتفكير النقدي، والتنظيم العاطفي. وبحسب “Common Sense”، فإن المراهقين يقضون في المتوسط 8 ساعات و39 دقيقة يوميًا أمام الشاشات، ما دفع الباحثين إلى إبداء القلق إزاء تأثير رفاق الذكاء الاصطناعي في هذا الفضاء الرقمي.
كما كشفت الدراسة أن ربع المراهقين أفصحوا عن معلومات شخصية، مثل أسمائهم أو مواقعهم، لرفاق الذكاء الاصطناعي — الذين صُمموا أيضًا لجمع البيانات من المستخدمين. بعض هذه المنصات تُسوّق للأطفال ابتداءً من سن 13، وحتى تلك التي تدّعي أنها مخصصة للبالغين يسهل على المراهقين التحايل على أنظمة التأكد من العمر والدخول إليها. وقد قال ثلث المراهقين إنهم شعروا بعدم الارتياح نتيجة ما قاله أو فعله رفيق الذكاء الاصطناعي أثناء المحادثة.
ومع ذلك، تُظهر الدراسة أن العديد من المراهقين يتعاملون مع هذه الأدوات بواقعية. فقد أعرب حوالي نصف المشاركين عن عدم ثقتهم بالمعلومات أو النصائح التي يقدمها رفاق الذكاء الاصطناعي (رغم أن المراهقين الأصغر سنًا بدوا أكثر ثقة بفارق 7 نقاط مئوية). لكن الغالبية الساحقة — بنسبة 80٪ — أكدوا أنهم يفضلون الصداقات البشرية على التفاعل مع الذكاء الاصطناعي.
أوصت منظمة Common Sense Media بعدم استخدام المراهقين تحت سن 18 لرفاق الذكاء الاصطناعي إطلاقًا، نظرًا للمخاطر المذكورة، ولأن تصميم هذه الأدوات قد يؤدي إلى سلوكيات إدمانية.
واختتم روب بقوله:
“لست واثقًا من أن الشركات التي تطوّر هذه الرفاق تضع رفاه المراهقين في الحسبان. لو كنا نتحدث عن أدوات صُممت خصيصًا لتعزيز الرفاه النفسي — بدلاً من جذب الانتباه وجمع أكبر قدر ممكن من البيانات الشخصية — لربما كنا نخوض حديثًا مختلفًا تمامًا.”
المصدر:
Neda Ulaby
أن. بي. آر
موقع: npr