من متَّسَع الخَلاء
أعودُ
صمّاءَ، مستكينةً،
مرفوعةً على الجراحِ
والهطول
يستبدُّ خَواءُ الرّوحِ
بِأوانِ السُّكون
يعبرُ كالرّائي،
على تقاطُعِ الضّلال
في ضوضاء الموتِ الموارِب
فوق الغياب
وأنت، أيّهذا المؤجّل
تلتهف كاشتهاء الغائب
تنأى في زمن العناق
وعند انقضاءِ اليقين،
ولا تَحين
كمُشتهاة نقصاني واكتمالِك
كأنّ الحسرةَ هي المرتجى
ونحن،
أنا وأنتَ، ومتّسعُ الغربة،
نرمّمُ التّباريحَ والملامح
في فنائي
تتكدّسُ
غُرُباتٌ وظلالٌ
وحزنٌ مقيمٌ
تعلو
قِبَبُ صمتٍ عاثر،
يَنوءُ
وَعرٌ، وقَعرٌ، وارتياب
في فنائي،
يترقّبُ جناحي المبتورُ شقاءَه
عند امتثال الكَسر للغناء،
وحين تظنّني نافذةً
ومُطلًّا،
وشِعرًا مُذابًا
أو ثيمةً لليوم الأخير
في الخَلاءِ العظيمِ
يَهتدون إلى القوافي
بِلا أسرجةٍ ولا تهاويد،
ويذوبون مع الفجر
كَبَنات الضّوء
لعلّنا، أنا وأنت، ومتّسعُ الغربة
نصيرُ تغريبةً جامحة،
لعلّ الباكياتِ على الصّدورِ
وفي الكُسور
يلتحِمنَ بالنيازك
في مِحرقة المَشارق
أعودُ،
ملساءَ كَغانيةِ المفارق
كباطنِ كفِّ القدَر
كرخامٍ بليد
أعودُ
عند التِئام السّيف بدَمِه
عند انعتاق الظلّ من ظلّه
أعودُ
مرفوعةً على خراب المعنى،
أسأل السّديمَ الكونيّ
هل تقاطعتْ يومًا أسفارُنا
أنا وأنت، ومتّسعُ الغربة؟
هل كنتَ لهبَ المدينةِ
في ما مضى
وهي تُضرمُ في وحشتها المحيطات
هل أغوتْكَ الوعودُ الظّمأى
وأشفارُ البلاد؟
كيف تُعاد؟
ما كانت يومًا
تهليلةً
لِوصلٍ صار متاهًا
في فنائي
يفسّرُ النّهرُ الماءَ للمعاجم
وأُفولَك للرياح
وجسدي للهاوية
وأنا،
حصىً في فيء روح الماء
أنثى الدّمِ المتخفّي في الآية
قرينةُ نبوءةِ الحجَر
ونارٌ تهتدي على قوامِها النّارُ،
حين كنتَ لهبَ المدينة
وكنتُ “نَيرونةً” تروي الحكايات
والحرائق.