د. حسن مدن ل صحيفة الخليج
تحضرني الآن صورة أحد معلمينا لمادة الحساب في المدرسة الابتدائية، عرف بشغفه بربطات العنق. وفي ذلك الوقت كان كل المعلمين البحرينيين والعرب ممن يرتدون البذلات يحرصون على ارتداء ربطات العنق، بل لعل ذلك كان وجهاً من أوجه حرص إدارات المدارس والقائمين على التعليم بأن يظهر المعلمون بشكل مرتب وأنيق ما أمكن أمام تلاميذهم، ولكن شغف هذا المعلم بربطات العنق كان يظهر في كثرة ما يرتديه منها وتنوع ألوانها، فمن المستحيل أن تجد «الكارفيتا» نفسها على عنقه مرتين في الأسبوع ذاته، فلكل يوم ربطة عنق مختلفة
تذكرت ذلك حين صادفني خبر عن وجود يوم في السنة يحتفى فيه بربطات العنق. صحيح أنه لم يصبح بعد يوماً عالمياً، ولكن ما الذي يمنع أن يكون، طالما أصبح لكل شيء يومه العالمي حتى عجزت أيام السنة عن الإحاطة بكل ما يراد أن يكون له يوماً؟
ما وقعت عليه العين من معلومات يقول إن تاريخ ربطة العنق يعود إلى الرومان، حيث كانت جزءاً من الزي، وترمز إلى الانتماء لجماعة معينة، لكن ربطة العنق الحديثة يعود تاريخها إلى بدايات القرن 16، في فترة حرب الثلاثين عاماً التي وقعت بين دول شمال ووسط أوروبا، حيث استخدم الجنود الكرواتيون هذه الربطة، وكانت عبارة عن وشاح ملفوف على العنق بنفس الطريقة التي تلف بها ربطة العنق اليوم، وكانت النساء يعلقنها في أعناق أزواجهن عند التحاقهم بجبهات القتال، كعلامة على الحب والوفاء. لذلك لم يكن غريباً أن البرلمان الكرواتي بالذات، هو من أعلن في عام 2008 يوم 18أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام يوم الاحتفال بربطة العنق، وفي السنوات الأخيرة انتشر هذا التقليد في أنحاء أخرى من العالم
«الكارفيتة» الكرواتية سرعان ما أصبحت عالمية، وباتت منتجاً مهماً من منتجات محال الموضة والأزياء، ولم نفلح في العثور على معلومات عن تاريخ دخولها البلدان العربية والإسلامية، لكن المؤكد أنه مضى على ذلك زمن ليس بالقصير. ومع صعود التيارات المتشددة باسم الإسلام، نظر بعض مريديها إلى ربطة العنق كرمز تغريبي ينال من الهوية الدينية، ومن ذلك حظر الخميني ارتداءها في إيران، فغابت عن أعناق وصدور الرجال بمن فيهم الوزراء والدبلوماسيون