العصر الجاهلي يطلق على الفترة التي كانت قبيل بعثة النبي (ص) بمائة وخمسين سنة أو نحوها، فتاريخ الأدب الجاهلي نبدأ بالوقوف على الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي، حيث كان العرب يتصف حياتهم الاجتماعية بالشجاعة والكرم، والعصبية والتفاخر والقبيلة، ووجود الجواري والعبيد، وشرب الخمر، ويصيدون الوعول أو الماعز الجبلي وكان لاتحادات التي كانت تجمعهم اتحادات الأحلاف، ويظن أن هذه الاتحادات لعبت دورا كبيرا في تكوين القبائل؛ إذ كانت تنضم العشائر الضعيفة إلى العشائر القوية الكبيرة لتحميها وترد العدوان عنها، وبمجرد أن تدخل القبيلة في حِلْف يصبح لها على أحلافها كل الحقوق وقد تنفصل بعض قبائل الحلف لتنضم إلى حلف آخر يحقق مصالحها) (أحمد شوقي : ص 58) وكنت لهم مميزات في الجاهلية وهي حياة ميزة حربية ترتكز على سفك الدماء وأصبحت عادة من عاداتهم وعلى سبيل المثال حرب البسوس، فكانت في أواخر القرن الخامس الميلادي. بين قبيلتي بكر وتغلب لأجل ناقة اعتدى كليب سيد تغلب لشدة بغيه على ناقة للبسوس خالة جساس بن مرة سيد بني بكر؛ إذ رمى ضرعها بسهم، فاختلط لبنها بدمها، وكذلك حرب داحس والغبراء، فكانت في أواخر العصر الجاهلي، وكانت القبيلة في العصر الجاهلي تتألف من ثلاث طبقات: طبقة الأبناء وطبقة العبيد وطبقة الموالي ويتميز العصر الجاهلي ببدور وكواكب من الشعراء، لهم قصائدهم طريفة يعلق بعضها على جدران الكعبة ، كأمثال معلقة امرؤ القيس وتميز شعره بالغزل
والأدب الجاهلي يضم في محتواه الشعر والنثر، فالشعر الجاهلي وصل إلينا عبر شعراء يطلق عليهم “الشعراء الرواة” وشكك في مصادر هذا الشعر غير واحد من الأدباء والكتاب وأنكروا وجوده إلا أن وجود الشعراء في الجزيرة العربية في العصر الجاهلي أمر شهد به القرآن.
وأما النثر الجاهلي: نقصد النثر الذي يأثر في نفوس السامعين سواء كان قصصا أو خطابة وهو النثر الفني وكثيرا ما تقتبس الحكم والأمثال، من الأقوال العامة أو الخاصة أو من الأشعار، يتميز بالمعنى الدقيق وحسن التشبيه.
وقد اختلطت الأمثال الجاهلية بالإسلامية؛ ودَرَج أكثر الكتاب على ترتيبها حسب الحروف الأولى وصار من الصعب تمييز جاهليها من إسلاميها في كثير من الأحيان، وبعض الأمثال لا يفهم إلا بالرجوع إلى كتب الأمثال، كقولهم: بعَيْنٍ ما أرينك فإن معناه: أسرع، وهو معنى لا يتبادر إلى السامع من ظاهر اللفظ) (ضيف ص 407)8
وقد عني العرب بالأمثال، فألفت فيها كتب كثيرة، منها كتاب صحار العبدي أحد النسابين في أيام معاوية بن أبي سفيان. وكتاب آخر لمعاصره عبيد بن شرية ومنها كتاب أمثال)(علي الجندي 1991م ص 261)14
وفيما يخص الخطابة، ليس بين أيدينا نصوص وثيقة من الخطابة الجاهلية، لما قلناه من بعد المسافة بين العصر الذي قيلت فيه عصور تدوينها؛ ولذلك كان ينبغي أن نحترس مما رواه منها صاحب الأمالي وصاحب العقد الفريد، فأكثره أو جمهوره منحول؛ على أن اتهامنا لنصوصها لا ينتهي بنا إلى إنكارها على الجاهليين؛ بل إنه لا ينتهي بنا إلى إنكار ازدهارها كما حاول بعض الباحثين) (شوقي ضيف، ص 410)3 سجع الكهان، كانت الكهانة موجودة عند العرب في الجاهلية، وكان للكهان قداسة دينية، ونفوذ كبير، إذ كانوا يوهمون العامة بأنهم يعرفون الغيب عن طريق ما يتلقون من الجن، وكان الناس يتجهون إليهم يحكمونهم في المنازعات، والمتنافرات، ويستشيرونهم في أمورهم وبخاصة المستقبلة)(علي الجندي 1991م ص 270) كان الكاهن يستعمل السجع المتكلف الغامض، في جمل قصيرة، وغير واضحة المعنى، لكي تتحير الأذهان في فهم المقصود منها وأغلب الظن، بل يكاد يكون من المؤكد أنهم لم يكونوا يدركون حقيقة ما يقولون فكانوا يأتون بالألفاظ، ويرصفونها بعضها بجانب بعض بدون وعي تام لمعانيها، ما دام السجع موجودا فيها، ويكتنفها الغموض والإبهام، مكتفين بالإيماء والتلميح)(علي الجندي 1991م ص 271)2 تاريخ الأدب الجاهلي يحتاج إلى الاكتتاب وإعادة الصياغة والمحتوى حتى يكون متناولا في يد الجميع، لأن الأدب هو حياتنا وتراثنا وموروثاتنا.