سليمان جمعة
احد النقاد الاجلاء كتب في الشعري واللاشعري فقدم لذلك لموقفين لامرىء القيس
الاول قال انه شعري
وهو وصفه لحصانه
مكر مفر مقبل مدبر معا
كجلمود صخر حطه السيل من علِ
التطابق في الشطر الاول مكر/مفر…ومقبل /مدبر
تلغيهما مفردة /معا”
تجمع المتعاكسين.. لتنقل الصورة الى التشبيه بالصخرة التي يجرفه السيل من عل… الصخرة ليس لها وجه او قوائم
كتلة واحدة كذلك الحصان وهو يقتحم المعركة .. كيف حدث الخداع البصري فتماهت الاضداد بالحركة والانحدار اي غرائبية تجاوزت طبيعة الحصان ليذكرنا ..ما الذي سمح له بتشكيل هذه الصورة لكي يتجاوز الحصان طبيعته فيكون صخرة كتلة لا يعرف لها وجه واتجاه ..هو التشبيه والاعتقاد بالحلول فيه يتماهى المشبه والمشبه به روح الحصان وجسد الصخرة .. ..فلا يتصور ذلك الا بالخيال ..كانما الشاعر الذي جعل حصانه في مكان آخر يتكون كجني ..له ايطلا ظبي وساقا نعامة …فاستعار وكون حصانا له شكل حصان وادوات سرعته من حيوانات اخرى كما هو معتقدهم عن تشكل الجني.. هنا يجتمع معتقد الشاعر وطبيعة البلاغة ووظيفتها كعنصر ين من معتقد …تسلل الى الفن
اذن الصورة هنا كثفت ما يحتاج الى كثير من الكلام
والمثل الآخر الذي حكم عليه باللاشعري..هو
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة …لم يعف رسمها …لما نسجته من جنوب وشمأل
السؤال هل هذان البيتان لاشعريان..وفيهما ذكر للامكنة
لن استعجل الامر
الخطاب الذي وجهه الى الآخر ..انت وهو والمتكلم ..اي الناس كلهم
طالبا منهم البكاء ..على ذكرى حبيب ومنزل
هل نبكي اذا غاب حبيب عاشق واجد؟
نعم ..هل نبكي على ذكرى افعال في المكان الذي كان نازلا فيه الحبيب ..؟
ولكن لماذا يدعوهما ..لذلك؟
لنكمل فنعرف
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
هذه الامكنة تلخص تاريخ الاقامة وطيبها
الدخول الى المكان هو البداية للسكن والحمل هو الرحيل اي النهاية .. اذن الامكنة تبوح بهويتها الزمنية التي قضاها هؤلاء هناك بلين الموقع .. اي كانت حياة هينة هنية ..وفيها المطر يسقط فينبت الكلأ…اي سلام في المنزل مع الاحبة ومع الارض … فنكمل ليبوح لنا المكان بالعيش الذي فيه القِرى وهو كالضحى من مسيرة الشمس اي ليس كالحصون فهو واضح وفيه الضيف
والريح لم تستطع محوها .. لا من الذاكرة ولا من الارض/الرسم
فهل كان هذا التكثيف الذي باحت به اسماء المكان ..اذن هنا شعرية عميقة اكتنزها اسم المكان باكتنازه حركة الناس فيه .. اذن هذه الابيات تستحضر حياة كانت هنية واليوم قد غابت
فالمثالان شعريان لما فيهما من شعرية الصورة المنبثقة من التحام المعتقد الخرافي في التشبيه وما وفرته من قدرة على الخداع البصري ..وفي الثاني بما فاضت اللغة علينا من كوامنها على كوامن النفس البشرية فالتقيا …بين فرح راحل وحزن قائم
هذه اللغة بصيغها التي رسمت المكان رسمت ايضا حركة وفعل الناس فيها والطبيعة ..المكانية والبشرية … كل يبوح
من خلال لغته
سليمان جمعة