د. حسن مدن للخليج
يقول مطلع كلمات إحدى أغنيات الفنان خالد الشيخ التي كتبها الشاعر البحريني علي الشرقاوي: «جروح قلبي وتر/ وينك يا عازف عود/ اعزف نغم للبدر/ يمكن تراه يعود». والمقصود بالبدر هنا قد يكون حبيباً غائباً، فلم يجد من يحبه سوى مناشدة عازف العود، لكون الآلة التي يعزف عليها وحدها القادرة على التعبير عن توسّله للحبيب الغائب كي يعود، ثقة منه بأن «من ذاق طعم الهوى.. مهما جفى بيعود»، ويمكن العودة لسماع الأغنية بكامل كلماتها العذبة كي نعيش أجواءها المملوءة بالشجن
ويقول صانع العود السوري طوني طويل، إن الملحنين يختارون العود بالذات لوضع ألحانهم لكونه يحتوي على نحو 200 مقام. ويذكر الموسيقار محمد عبدالوهاب أنه عندما لحّن لأم كلثوم أغنية «أنت عمري»، اقترح إدخال «الجيتار» الكهربائي، وهنا قالت له مستهجنة: «جيتار يا عبدالوهاب؟»، مصرّة على أن يظلّ العود وحده، لكون فرقتها، في الأساس، تختاً شرقياً، ولولا تدخل محمد القصبجي لما كانت أم كلثوم ستوافق على رأي عبدالوهاب، الذي لذكائه «وسّط» الشخص المناسب، أي القصبجي، لمعرفته أن كلمته
عند أم كلثوم مسموعة
نستحضر هذه الحكايات على خلفية قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) إدراج العود السوري على قائمتها للتراث الثقافي العالمي غير المادي، الذي يقصد به الممارسات والتقاليد والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، وورد في حيثيات قرار «اليونيسكو» أن العود السوري «يشتهر بنغماته النقية وأصواته الفريدة والمتناسقة وهو مصنوع يدوياً بدقة عالية»
يشارك العراق سوريا في جودة صناعة العود، حيث ثبت أن أول ظهور لآلة العود كان في بلاد ما بين النهرين والجزيرة السورية، وتشير معلومات على الشبكة العنقودية إلى العثور على آثار تظهر نقش فيه امرأة تعزف على آلة العود وجد في العراق، ويعود إلى الحضارة الأكادية، أي قبل ما يقارب ال5000 سنة، وإضافة إلى العود العربي هناك التركي والفارسي
من أشهر صنّاع العود في التاريخ الحسن علي بن نافع الموصلي، المعروف ب«زرياب»، وفي العصر الحديث اشتهر العراقي محمد فاضل، المولود في بغداد عام 1910، الذي عمل موظفاً في المتحف العراقي، ثم قام بافتتاح ورشته لصناعة العود بشارع الرشيد سنة 1932
وهناك صنّاع عرب آخرون بينهم خليل إبراهيم الجوهري من مصر، وعبده جورج النحات من سوريا، وبطرس بشارة من فلسطين، وغيرهم كثيرون
غرفة 19
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم
- الأدب الرقمي: أدب جديد أم أسلوب عرض؟- مستقبل النقد الأدبي الرقمي