دفاتر الورّاق رواية عربية للروائي الأردني جلال برجس
صدرت الرواية لأول مرة في العام 2020 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في لبنان، حازت على الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2021، المعروفة باسم «جائزة بوكر العربية»الرواية التي تشعر وأنت تقرأها أنك تسير في شوارع عمان، وتلتقط أحاديث أهلها. حين تناثرت دفاتر إبراهيم الوراق بين أزقتها العتيقة، وشوارعها العريضة، حيث طحنتها دوامة الحياة الحديثة بلا رحمة.الروايه التي أنصفت المشردين، وأفردت لهم مساحة الحرف للبوح الشجي.قد تصاب المدن أيضاً بحالة فصام نفسي ومعنوي ينعكس في نفوس أبناءها. حين يسوسها الفساد ويطمس معالمها الأصيلة.تحاول المدن الكبيرة تجاوز أزماتها المرورية، أو تضاريسها الجبلية بإقامة الجسور . تشكل عقدة الجسور في الرواية العربية نقطة التقاء للمهمشين، والجائعين، وبائعي الكتب المستعملة والأشياء المستعملة، وهنالك دائما ثمة أيادٍ تعمل في الخفاء لانتشال تلك الحاجيات وأصحابها من تحت الجسر لتعلقها فوق أسواره علها تبقى شاهدة على أزمان مرت من هنا، و ابتلعتها مصارف الصرف الصحي للمدن العظيمة كما تبتلع القبور هامات بناؤوها العظام. من هنا يأتي دور الأدب كعامل تفاعلي هام يعكس حركة أي مجتمع بنتمي اليه، ومن هنا تبدو مهمة الكاتب العربي قاسية وشائكة حين يطرق أبواب الحاضر ليفتحها للتساؤلات، ويغادر مع آخر صفحات كتابه تاركاً وراءه الباب موارباً، كمحاولة منه لكشف نقاط الضعف والقوة في واقعه.تغتني رواية دفاتر الوراق بغنى شخصياتها وانتماءاتهم لشرائح متنوعة من الشارع الأردني . وتزداد جماليتها في التفاصيل التي تدفع القارئ للتفكير والتساؤل. فمثلاً، المقارنة بين الكتب والهواتف النقالة. بين الذاكرة الأصيلة، والذاكرة الجديدة. الذاكرة الموثقة، والذاكرة التي ما زالت كل يوم تتعرض للتشفير والسوفت وير، لتجعل من البدايات صفحات بائسة لا أذرع لها، سوى الفضاء الافتراضي.. دفاتر الوراق الرواية التي حققت انتشاراً واسعاً يشهد لها قبل أن تكمل عامها الأول، وبعد قراءتي لها أدركت أنها تستحق ذلك وأكثر. إليكم بعض الاقتباسات:- كم هو قاس أن تكتشف على نحو مفاجئ أن حياتك صنيعة الآخرين، وأنك لم تكن إلا مستجيباً لما يرونه الصواب.- ربما يتذكر جندي وردة وهو يسمع الرصاص يمر مخطئاً رأسه المليئة باحتمالات الهلاك، إنه يفعل ذلك مدفوعاً بالأمل.- هنالك أسباب كثيرة تدفعنا للإقدام على الموت، وهنالك سبب واحد يعيدنا إلى الحياة.- وقفت عند الرصيف الذي يصعد منه درج الكحلة إلى جبل اللويبدة، أنظر الى المتجر وقد أقيم مكان كشك الوراق الذي كان له خشب عتيق، ونافذة وباب قديمان لهما رائحة الكتب، رائحة لا يعرفها إلا من أدرك كيف كتبت تلك الصفحات، وأن الحبر الذي أنفقه أصحابها جاء من أرواح تسعى إلى الحياة بعناد عمال المناجم، وهم يحفرون الأنفاق. أما المتجر الجديد فقد بني من معدن طلي بألوان زاهية لا رائحة له، ولا ذاكرة، غير ذاكرة هواتف نقالة تهزم أمام أي عطب.- الخوف رسام غريب، يخط على ورق مخيلاتنا ما لا نتوقعه.- ما الذي يدفع بالفقراء للاحتماء بجسر في منطقة لا تشبههم؟ وهل هي مصادفة أن يهرب البعض من الموت اليومي إلى جسر اختار البعض موتهم من علوه؟قراءة موفقة لمن يرغب