اخلاص فرنسيس
مجلة غرفة ١٩، مجلة أدبية ثقافية اجتماعية فصلية، تأسّست منذ قرابة السنة، هدفها الحرص على تقديم الأدب العربي وإبراز المواهب وتفعيل دور الكاتب في النهوض بالمجتمع وبناء الإنسان أينما كان من خلال المادّة التي ترتقي بفكره، وتجسّد في مضمونها إقامة حوار فكري بنّاء بين الثقافات، لهذا تستقطب المجلة اهتمام كبار الكتاب والأدباء من مختلف أنحاء الوطن العربي، من لهم هذا الاهتمام بالارتقاء بالفكر الجمعي من خلال النصّ الأدبي
التزامًا منّا بتكريم المثقّفين العرب نوجّه لهم تحية تقدير على كلّ ما بذلوه ويبذلونه في سبيل الأدب والثقافة العربية
كانت فكرة التكريم في العدد الرابع من مجلة غرفة ١٩، لكن بعد أن وصلتنا الموادّ التي فاقت كلّ توقعاتنا ارتأينا أن يتحول العمل إلى كتاب
يمنى العيد قامة أدبية أغنت طوال أكثر من أربعين عامًا المكتبة العربية بمؤلّفات أدبية ونقدية، ونجحت خلال مشروعها المعرفي أن تكون أحد المؤثّرين الفاعلين في دراسة الأدب العربي، هكذا وجدنا من واجبنا تكريمها
هي التي أضاءت شمعة في عالم مظلم، في مسيرتها الأدبية جسّدت الروح المثابرة والتصميم على المضي قدمًا لبلوغ الهدف الإنساني
الكاتبة ذات البعد المؤثّر في الحركة النقدية العربية، الهوية القومية والوطنية حيث حملت على عاتقها أن ترفع شأن الأمّة من خلال ما تقدّمه للمكتبة العربية من إرث أدبي وفير ممهّدة الطريق لأجيال المستقبل بسراج العلم والفكر الحرّ
انطلقت من مدينة صيدا الجنوبية أنثى ثائرة، وعملت بدأب على تحطيم تلك القيود المتراكمة لتحقيق الذات الفردية في بلد عرف التعداد الطائفي والحزبي وفق ما اختارت لنفسها، بعيدًا عن كلّ الاعتبارات الأخرى، لتحقّق إنسانيًّا واجتماعيًّا وأكاديميًّا ما وصلت إليه في عالم النقد والأدب، وتكوّن نظرة نقدية مختلفة، فيها تكون المحاورة للنصّ بدل أن تكون الجلاد والحاكم الذي بيده السوط للحكم عليه. ربطت النصّ بالمتغيرات الاجتماعية، لتقدّم وعيًا معرفيًّا ضدّ الجهل، الذي كان هاجسها الأول، من واقع عايشته حولها، مكونة مبادرة لشخصية غير مدرجة في برامج التعليم اعتبرت آنذاك تجاوزًا ومخالفة وربما عرضها للعقوبة أيضًا، مشكّلة في ذلك علامة مميزة في مجال النقد، في الثقافة العربية همّها تكوين ناشئة تبدأ بطرح الأسئلة، تفسّر وتسعى للمعرفة العلمية وراء كلّ ما يجري حوله، لا أن يسلم إلى المحرّمات والموروثات بل يكون له فكره وحكمه، لا أن يُقاد ضمن قطيع ومرجعية واحدة وراع واحد(المرجع أو الراعي العارف أو الموجِّه أو الدالّ على الصحيح والخطأ)
وبشكل فلسفي أيضًا فتحت آفاق العمل على الأسئلة الوجودية الموت والحياة، الممكن والمستحيل، في هذا الفضاء الأدبي الشاسع، مع اعتبار خصوصية الأدب العربي و ” أن يتشارك النقد والأدب همًّا يتجاوزهما إلى الثقافة والحياة، أو إلى حضور الحياة، حياتنا، في الأدب”. ” المرأة ناقدة ومفكّرة، مغامرة المرأة العربية في حقل التفكير النقدي”
ضدّ مصطلح (نسوية ـ ذكورية)، أعلنت أكثر من مرّة في ما يخصّ الرواية، هناك قواعد عامّة، وشعرية عامة للرواية، سواء كتبت بفكر المرأة أم بفكر الرجل. إنّ حضور المرأة في الحقلين النقدي والأدبي
قمّة الإبداع أن تتناول ما تريد مهما تكن النتائج
تقول يمنى العيد:” وعلى الأديب أن يختار طريقه، فالبعض يسجن لأجل فكرة ويضطهد، فللحرّية ثمن
والإنسان بطبعه ميال لقراءة واقع حياته”. كيف استطاعت يمنى العيد أن تعيش حياتها بين اسمين؟ من هي التي أمسكت بالقلم، وأعملت الفكر وقادت ثورتها وجموحها في الكتابة أكانت حكمت أم يمنى؟ وفي النهاية على من منهما كانت مسؤولية التعبير عن حاجاتها وطموحاتها؟
أهلًا وسهًلا بك دكتورة يمنى العيد معنا الليلة، وهو شرف كبير حضورك بيننا، أهلًا وسهًلا بكلّ الكتاب الذين ساهمت أقلامهم في هذا العدد الرابع، سواء في التكريم والاحتفاء بالدكتورة يمنى، أو من شاركوا في مواضيع أخرى. حبركم هو دم الحياة الجاري الذي ينفذ إلى العقل البشري كي يعمل فيه التغيير، وهذا التغيير يمكن أن يكون سيفًا ذا حدّين، إمّا للبناء وإمّا للهدم، وحرصًا من مجلة غرفة ١٩ على التغيير الدائم نحو الأفضل اختارت وبعناية الأقلام البنّاءة فكريًّا وأدبيًّا وأخلاقيًّا