نهى عاصم .. (الإنسانة) التي أعرفها منذ زمن بعيد .. لاتختلف عن .. نهى عاصم القاصة .. حيث تنعكس تفاصيل (إنسانيتها) على ماتكتبه حيث التفاصيل التي تعشقها والتؤدة ورحابة الصدر واتساع الأفق ..
في إهدائها كتبت:
إلى قراء (يناديها روح)
أدين لكم بالكثير..
لكم. ومعكم أكتب ..
هذه هي نهى عاصم الإنسانة .. التي تعيش بالناس وللناس ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يناديها روح .. و .. ( روح الروح )
بعيدا عن السياق .. وفي حد علمي المتواضع .. أن – نهى عاصم – أسعد إنسانة بالكون .. لأستشراف العبارة الأشهر ( روح الروح ) بروايتها – يناديها روح .. مع الفارق الزمني بينها .. 2021 – 2024م .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يناديها روح.
صرخ أحمد بصوت سمعه كل من ببيته قائلا:
…. هذا الدخول المفاجئ من المبدعة يضعنا في البداية داخل أحداث متسارعة .. لدرجة أنها وبإحترافية وتقريبا في صفحة واحدة عرفنا بعض الشخوص والأحداث الهامة..
( سامي – الإبنة هالة – الإبن عمر – أولاد هالة – ثورة 25 يناير- ميدان التحرير … ) ثم ذكرت الرأسمالية .. الدونكيشوتية .. يساري .. خلطة سياسة .. سلطة .. جيفارا .. تيار ديني .. الثائر .. كلمة الشعب)
ولازلنا في الصفحة الثالثة ..
تهيئة المتلقي لخط روائي عند نهى عاصم .. تهيئة إحترافية .. فقد كثفت من بعض الرموز والأسماء .. لتضع المتلقي على خطها الروائي والمراد منه إيصال فكرة مبسطة عما سيحدث .. وبهدوء دون الشعور بملل أو كلل للمتلقي .
(عدت بذاكرتي إلى عقود مضت .. وتذكرت مقتل والدي .. والذي كان مدبرا بسبب توجهات والدي اليسارية صــ 12ــــ)
قفزة درامية أخرى احدث هام .. ويتماشي مع الخط الدرامي للأحداث .. وتطل برأسها ( التصالح ) وكأنما استدعي الشاعر/ أمل دنقل .. لنسمعها معا:
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
وتجتر بعض الذكريات في مشهد ( يحكي بعض حكايات المحروسة آنذاك )
سامي وهالة وحكايات مصرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«هالة.. كلّ شيء يُعيدني إليها، أحمقُ أنا؟! هل أحلم بقرب بعد كلّ هذا الفراق ؟! هل تعود بنا الحياة إلى الماضي متجاوزة زيجتين وطلاقين وأبناء ومشاعر غضب، وغيرهم؟ هل إن مددتُ لها جسرًا ستعبره مرحبة بي؛ أم أنها ستهدمه وأنا في منتصف الطريق إليها؟
يتردّد بداخلي صوتُ أم كلثوم وهي تشدو؟
انت فاكراني واللّا نسياني
ياللي ظلماني ياللي هجراني
الحنين فاض بي والبعاد طوّل والهوى في قلبي زاد عن الأوّل
إوعي تفتكري قلبي اتحول..
… حكاية مصرية .. رغم رومانسيتها إلا أنها تحكي حكاية جيل بأكمله .. عن احلام وطموحات ذهبت سدى .. عن لحظة نوستالجيا .. حين أرتمت ( هالة- مصر- بين يدي سامي! ) وكيف كان اللقاء رغم قصره حميمي..!
وهذا اليتم المعنوي الذل أعتري سامي .. وهو ماعتري جيلا بأكمله ..
لحظات من سطور وكأنها دهر .. اري كيف سقط منا تدوين تاريخ .. بقصد .. حتى لانتذكره .. وربما سنسقط التواريخ تباعا .. فالذاكرة المصرية تعي ماتحتفظ وتحذف !
*** هام*
لم تذكر ( هالة ) اسم ( سامي ) بل كانت تقول له :
ابن عمي .. في كثير من الأحيان!!
فهل قصدت المبدعة تلك العبارة .. ولماذا لم تناديه باسمه؟
أهو اغتراب .. أم غُربة .. أم حدود تماس ..
وهل كان هذا الجيل مغتربا .. متغربا لهذا الحد .. حد التجاهل و التجهيل؟
ثورة:
ــــــــ
ردت هالة ساخرة:
– لأن سعره كان جنيهات قليلة، أي رخيص مثلما هو المواطن المصري.
– أصبحت ثورية يا روح؟!
– أصبحت غاضبة على كلّ ما صرنا إليه، فانقلبت على باهر؛ ويوم قتل خالد سعيد انتفضت روحي غاضبة على كلّ شيء؛ على الحكومة ورئيسها، وعلى الشعب الخانع الذي لا ينطقُ حتّى أنّي نزلت إلى ميدان محطة الرمل وجلست تحت تمثال سعد زغلول رغم تشاؤمي من مقولته: «مافيش فايدة»
… يتبن هنا جليا وضوح الخط الدرامي في الأحداث .. والتهيئة الأولى للمتلقي .. وهذا يحتسب للمبدعة ربط الأحداث بهدوء وبلا إنفعالية ..
جملة ..
رخيص مثلما هو المواطن المصري.
ويوم قتل خالد سعيد.
على الحكومة ورئيسها.
«مافيش فايدة»
فقرة .. تحمل جُمل ثورية .. استطاعت المبدعة تمريرها بسهولة ويسر لتضع المتلقي ثانية أمام حدث يهمه ويتفاعل معه ولو بنوستالجيا ثورة تفاعل معها معظم الشعب المصري ولم يتفاعل معها البعض !
ثم تقفز المبدعة بنا داخل العيادة .. وحوار حول الأدوية .. المستوردة والغير موجودة .. وإن وجدت فسعرها غالِ .. وللأسف فإن الأدوية المصرية غير فعالة بالقدر الكاف!
وصراعات مافيا الدواء .. ووقوع الشعب تحت رحمتهم .. فهنا تتحدث عن سلعة ضرورية .. حياتية .. لاتتحدث عن ترفيهيات .. يمكن وبسهوله الإستغناء عنها.
وتختتم بعبارة موجهة إلى المسئول عن هذا ( الخواء والخراء ) – كما كتبت..
إذا، لاحل سوى الأدوية المستوردة.
إن وجدت!
( وأنا أردد معها وبقوة.. عن هذا ( الخواء والخراء )
ثورة اجتماعية:
ــــــــــــــــــــــــ
– هكذا يكتب بعض الرجال حالتهم الاجتماعية على الإنترنت.. والبعض الآخر يقوم بعمل حسابين على الفيس بوك؛ واحد للعائلة والآخر لمن هنّ مثلي، وجاء من نصيبي طبيب أسنان مرموق يكبرني
وعلمتُ منه أنه أرمل وأموره معقدة.
… تتعرض المبدعة هنا ( لصفحة أحوال مصرية ) .. ونحن من جيل ( أنا والمبدعة ) يعرف – الخاطبة – فكيف أصبحت الخاطبة ( سوشيال ميديا؟ ) وأصبح التعارف ( أون لاين ) والمعارف ( معجبون ) وبعض الأهل ( صفحات تعارف ) .. وربما يقيمون الحفل بــ ( تيك توك )!!!
وكيف تحدث المفارقات والمعاكسات وربما الزواج من تلك الطريقة ..
تعرضت لتلك الاجتماعيات التى تواجه الأنثي بالخصوص .. الخطوبة ومشاكلها .. الطلاق وتوابعه .. العنوسة والعائل.. بيت الأم و المصاريف.. الأولاد و همومهم .. الجيران ونظراتهم ..
أي أنها لخصت اجتماعيات المرأة في صفحات .. تفرد لها مجلدات.
يناديها روح .. مرة أخري:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أحداث الرواية تتعرض المبدعة لبعض المشكلات ( الدينية والطائفية والجهادية ) ومايترتب على تلك الأحداث من تفاعلات جاءت توقيت زمني معين .. وكانت لها الأثر في تغيير بعض الأمور ( ضد أو مع ) بسرد على استحياء ..وكان القصد منه تأريخ لتلك الحقبة لاأكثر ولاأقل .. وكيف كانت ثورة يناير نعمة هنا ونقمة هناك.. والتغييرات التي حدثت على المستوي العام ..
وعن مافيا شبكات تجارة الاعضاء والقطع البشرية !.. وكيفية غسل الدماغ ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هالة .. باقية .. :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و كلتُ أمر نهى للدكتورة مريم وزوجها يوحنا، وتولّيت أنا أمر حبيبتي روح.. فالصداع أصبح يلازمها ملازمة الروح للجسد الحي، واستدعى الأمر انتقالها للمشفى عدّة مرات. آه يا هالة! كم أخافُ مرضك أو فقدك، أشعرُ بك تنسحبين منا يوما بعد يوم، لولا تشبّثك بالحياة من أجل نديم وعودة ندى والاطمئنان على نهى.. نهى التي طلبت منها الإسراع بسفرها إلى زوجها حتى تستمر الحياة.. فوافقت وهي تقول لي:
– سيذهب الجميع وتبقى أنت لي، أنت ونديم..
فداعبتها وقلتُ لها : حتى نديم سأعمل على تزويجه كي أبقى أنا فقط لها ومعه.
… وفي نهاية ( يناديها روح ) أو- دفتر أحوال مصر – لم تنس المبدعة ( لضم السبحة ) وتطريز الثوب المصري بنسيجها ( الموحد ) وكيانها الواحد بوجود – مريم / يوحنا – ليشكلا هذا الوشيج الواحد .. وتتعمد ذكرهم في نهاية الرواية .. كونهم بدايتها ونهايتها – معًا – ..
… في بداية الرواية كانت صرخة – من -:
( صرخ أحمد بصوت سمعه كل من ببيته قائلا )
وفي نهاية الرواية كانت صرخة – على -:
(آآآه ياهالة)
… وليس آخرًا … هالة على سرير المرض … وكأنه – الموت مرة أخرى – يشعرون بفقدانها .. أو انسحابها .. لكن ( هالة – أو الهالة) لن تُفقد ولن تنسحب منا .. فكيف نفقد هالة وهي التي نتثبش نحن بها ونحتمي ..
كيف تنسحب ؟ وقد انسحب منها الكثير على مر الزمان ..
كيف وهي الأم .. والأخت .. والحبيبة ..
هالة .. ستبقى ..
زائلون نحن .. وتبقى هي.
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب
وبحبها وهي مرمية جريحة حرب
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب
وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
( صلاح جاهين )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل الشكر للمبدعة الصديقة القاصة..
استاذة/ نهى عاصم
( بنت القبطان )
نهى عاصم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأرجو أن أكون وفقت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مهندس/عادل التوني
الرئيس الأسبق لرابطة الكتاب العرب على الإنترنت التابعة
ــــا ( Google ) لــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــ