محمد زينو شومان
لبنان _ زفتا في 2022/7/1
أخرجيني أيتها الأفعى
فمي معتقل
ودمي ممنوع أن يجري في أوردتي
منعاََ لأيّ دورة دموية أكانت صغرى أم كبرى
تماماََ كما تمنع عن الدولة والوطن والناس
وكيف يمكن تخيّل دورة دموية واحدة لا بد أن تمرّ عبر شرايين كل مذهب وكل طائفة وكل فرقة وكل حزب وكل مأمور نفوس وكل حاجز تفتيش وكل زعيم وكل حامي حماه أو وكيل عن حامي حماه وحامي حامي حماه
حتى إشعار لا أدري أطويل أم قصير
لقد أقفلوا حانة الشعر بالشمع الأحمر
ولم تعد الأنثى الكلاسيكية عنصراََ مهماََ في الإلهام والتفجّر
لا تعذلوني إذا انفجرت مرارتي
وكل قساطل غضبي وجنوني وعتهي وحماقتي وخبالي وسفهي
لم أعد أحتمل النفاق والمراوغة والمساومة وابتلاع حبوب الصبر
كرهت مهادناتي ومجاملاتي
وتقلبي بين اليأس ونصف اليأس وربعه وثلثه وثمنه وعشره
سئمت تصنيف اليأس ومقاييسه بين كبير ووسط وقصير
بين يأس مقبول وغير مقبول.. بين يأس تفاؤلي ويأس تشاؤمي.. بين يأس كلاسيكي وآخر معاصر.. بين يأس أصيل شريف النسب ويأس هجين أو لقيط أو ملمّع أو ابن سِفاح.. بين يأس من أجل اليأس ويأس ضد اليأس
سئمت تجرّعه يومياََ ما بين ملعقة وملعقتين وثلاث ملاعق.. قبل وجبة الطعام أو بعدها ثلاث مرّات في اليوم؛ وربما سبع مرّات أو أكثر حسب شهيّتي
ولولا الخجل الشديد الذي أعرف به
لصارحتكم بعدد وجباتي اليومية الصحيح
ولكن اعذروني
فأنا مشهور بشراهتي وجشعي وبخلي وأنانيتي وفسادي في الإدارة والحكم والوظيفة
وفي الشعر واللغة والتاريخ والحب والكره
فاشكروا ربكم العليم بخائنة الأعين وبما تخفي الصدور؛ أنني لم أتقلد منصباََ رفيعاََ من مناصب الإمبراطورية التي لم يغب عنها ظلام الانحطاط
تصوّروا مثلاََ لو أنني رئيس الحكومة لبلدكم الميمون، أو رئيس البرلمان (وهل هذا مسموح لمولى فقير مثلي؟)، أو رئيس الجمهورية ( ولِمَ لا؟ ألا يحق لي أنا المواطن الكوزموبوليتي الصالح؟)
أتصوّرتم أم بعد؟
لو تصورتم ذلك لكنت أمعنت فساداََ وأهدرت المال العام (إذا حسبته عاماََ لا خاصاََ) واستعنت بالجراد،من بلدان المنشأ، للقضاء على آخر عود يابس من شجرة الدولة اليابسة
لكم دفعني التمرد إلى أن أتمرد كما يتمرد الموالي والمقهورون والجياع ومنهوبو الرزق واللقمة الحلال وأسباب الكسب المشروع
ولكن الحياء كان يمنعني كلما حوّمت فوق رأسي الجرأة كطائرة شراعية
ورحت أعتصم كمحبي الستر والقناعة وخفض الصوت احتشاماََ بما يسمّونه حبل الصمت
وهذا الحبل رعاكم الله هو المعنى المجازي للجام
وهو مأخوذ من حبل المشنقة. ولكن البلغاء والفصحاء وعلماء اللغة الأكارم يستمرئون في أوقات فراغهم اللعب بحبال الألفاظ.. ويوهموننا أن الحبل اسم جامد لا يتغير معناه وحاله الإعرابي في كل الحالات. حتى لو أسندنا إليه المشنقة أو الصمت أو الصبر.. فالحبل حبل ما دام المعنى واحداََ
فماذا يختلف معنى الصمت عن معنى الصبر، أو الشنق؟ أليس المؤدى واحداََ وهو القتل والإفناء ونزع الروح من أبدانها ولو كانت مشدودة بالأوتاد والحبال؟
أهي شقشقة قرّت وهدأت؟
ما الذي أوقعني في مثل هذه الورطة والحرج وعقدة الذنب؟
من حل عقدة لساني التي أعيتني وأعيت السحرة والمنجمين من قبلي؟
هل خرج الشامان من جلدي؟ أم إبليس أطغاني وأجرى على لساني ما يودّ قوله وهو الوسواس الخنّاس؟
فمن شاء مقاضاتي إلى حاكم فليذهب إلى إبليس الرجيم.. أليس هو الذي أخرجني عن سياق الكلام وأوقفني على قارعة الاعتراف؟
كنت أتحدث عن التمرد على العواطف التقليدية التي فقدت حرارتها كالخبز البائت
من أين آتي بقريحة العذريين، أو بجسارة ابن أبي ربيعة في تعقّب النساء ومطاردتهن حتى في موسم الحج؟
كم أحتاج إلى امرأة غير شائعة تعرف كيف تشعل فتيلة الرجل وتفتل عظم رقبته وتدله على البوصلة
متى تأتي حاملة السيف والترس على رأس فرقة كوماندوس لتحريري من الخوف والجبن والحشمة المزمنة والالتفاف حول عنقي كأفعى سامّة؟
ما أحوجني إلى مثلها! إلى هذه الأفعى التي أنتظر لتخرجني من هذه الجنّة الكاذبة، التي استولى عليها الأوباش وأكلة الأوطان والشعوب وشرّ الخلق من إنس ومتأنسنين
أخرجيني أيتها الأفعى
أخرجججججججججيني
أخرجججججججيني