تميّزتُ عن كلّ الأنام غِرارا ،
ووافقتُ نفسي مأرباً وقرارا
تكفّلتُ أرضي ، والتزمتُ صَلاحَها ،
وأخصبتُ من بعد الجفافِ بَوارا ،
وأسقيتُها ماء اجتهاديَ فارتوتْ ،
وأودعتُ فيها للحياةِ بِذارا
جنيتُ ثماري ، واكتفيتُ مَؤنةً ،
وما جاع مَنْ تجني يداهُ ثِمارا
جرتْ أنهري جَذْلى وروّتْ جنائناً ،
وأحيا قريضي في القريضِ قِفارا
أنا المُزْنُ ، ما أمطرتُ إلاّ مُحلِّقاً
سقيتُ نباتاً يابساً فأنارا
كما الصقرُ أصطاد الطرائدَ من عَلٍ
ركبتُ رياحاً ، ما سكنتُ وِجارا
وذاهلِ عقلٍ من بياني ، فإنّني
ورثتُ قريشاً ، مِقْوَلاً ، ونزارا
سواءٌ على سمعيكَ يا فاقد الحِجا
سمعتَ غُراباً أم سمعتَ هَزارا
قوافيَّ صارتْ للزمانِ قلادةً ،
وفي مِعصم العهدِ الجديدِ سِوارا ،
ولم تكُ خمرٌ مثلُ خمرِ قصيدتي
حلالاً تُحيلُ السامعين سُكارى
فإنّ لقولي في المقالِ حلاوةً ،
وإنّ لوجهي في الوجوهِ وَقارا
أمطتُ لثامي في الوغى غيرَ خائفٍ ،
وجرّدتُ سيفي للقتالِ جَهارا
وما عُدتُ أخشى مِ اللّصوصِ مكيدةً ،
وما عُدتُ أخشى مِ اللّئامِ حصارا
نفوسٌ صغارٌ كالحصاة – تشاركتْ
وصخرَ بناءٍ – لا تصير كبارا
بَنَوْا في طريقي – ويحهم – جُدُراً عَلَتْ ،
مَشيتُ ، ولم ترهبْ خُطايَ جدارا
أسيرُ ، ولا أخشى الضياع ، فإنّني
جعلتُ كلامي في الظلامِ مَنارا
ومَنْ كان في ألبابِهِ النورُ ساطعاً
مشى مُطمئنّاً لا يخافُ عِثارا
إذا الحقُّ ناداني اشتعلتُ لصوتِهِ ،
هببتُ حماساً ، ما لزِمتُ دِثارا
تجذّرتُ في لبنانَ ، ما خُنتُ ماءَهُ ،
وغيرَ دياري ما رضيتُ ديارا