
كيف تكتب الأقلام عَمَّنْ علّمها كيف تُمسك بالحبر؟
وكيف تُرثى يدٌ كانت تمسك بيدك كلّما شعرت بأنك تائه؟
تعرفت إليك صدفةً وكانت من تلك الصدف التي لا تأتي عبثا كأن القدر خطها بقلم من نور، من خلال كلماتٍ كتبتها يومًا لتجيب بها عن سؤالٍ بسيط، فكان جوابك عميقًا كأنّه خُطّ لقلوب كثيرة.
لم أتوقع يومًا أن ترد على رسالتي، وأنا التي أرسلتها بيقينٍ شبه معدوم، فقد أغلقت في وجهي أبواب كثيرة، لكنك كنت الباب المفتوح في وجهي وأجبت بكل تواضع ومحبة، ومن يومها، صرت الداعم والموجّه، صرت اليد الممدودة في زمنٍ قلّ فيه من يُنصت، وَنَدُرَ فيه من يعطي دون مقابل، كنت ترشدني إلى طريق الكلمة، إلى كتبٍ وأسماء، إلى نُضجٍ ما كنت لأدركه لولاك. كنت تقرأ لي،وتنشر لي، وتشجعني حتى صرت أصدق أن لي مكانًا في هذا العالم الأدبي، لأنك كنت تؤمن بالناس، لا بالشهرة، وحين كنت أتعثر كنت تمسك بي، بكلمة بنصيحة، بمزحة أو بحكمة.
ولم تكن فقط أديبًا، بل إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من نقاء،
كريما في وقتٍ شحّت فيه الكرامة، بسيطا في زمن التصنع والمصالح، نقيّ القلب، حاضرًا دومًا للمساعدة، تدلّني على الحلول، وتقودني إلى من يمدّ يده باسمك، لأن اسمك كان جواز عبور، وكأنك من الذين خلقو ليكونومفاتيح للناس، لا أبوابا موصدة. تحدثني عن الحياة، عن القراءة، عن اتساع الأفق، عن الطبيعة، وعن كيف نُخفّف من ضغوطات الأيام بالمحبة والرياضة والكتب.
وحتى حين كانت ضغوطاتك أنت كبيرة، لم تبُح بها إلا لتُعلّمني كيف أواجه الحياة بقوة وإيجابية.
ثلاث سنوات فقط … لكنها بدت دهرا من الدعم والرفقة والنصح ثم رحلت …كما تأتي العصافير في الشتاء تمنحنا بعض الدفء ثم تمضي قبل أن نودعها.
وفي آخر لقاء كنت هناك، واقفا كعادتك تنسّق الأمسية، محاطًا بالناس، تمضي بين الوجوه والكلمات، تتفقد التفاصيل بنفسك، تسهر على أن ينجح اللقاء كما عودتنا دائما، وددت أن أدنو، أن أحدثك، لكنني ترددت ولم أشأ أن أزعجك، ثم مضيت، ظنا مني أنني سأراك لاحقا.
ليتني اقتربت، ليتني كلمتك حينها، ليتني انتظرتك. ويا لا غرابة تلك اللحظة، كانت نظرة وداع ولم أكن أدر أنه وداع.
شكرًا لأنك كنت من أولئك النادرين الذين تركو فينا أثرًا لا يُمحى.
شكرًا لأنك علمتنا أن المعرفة لا تُحتكَر، وأن الأدب ليس تعاليًا بل مشاركة.
ستبقى في الذاكرة، لا كأديبٍ فقط، بل كأحد الذين جعلوا من الكلمة طريقًا للخير.
سلامٌ على روحك
سلامٌ على قلبك الذي كان واسعًا كالحياة.
سلام على اليد التي امتدت بغير مقابل.
وسلام على الذكرى التي ستظل فينا كنبع لا ينضب.
“اللهم أجزه عنا خير الجزاء، واجعل له في كل حرف كتبه وكل روح أضاءها صدقة جارية إلى يوم الدين”.
أمين يا رب العالمين
بقلب ممتن وذاكرة لا تنسى
الأديبة والأستاذة وأختك: إلهام العويفي
16 /05/2025
غيب الموت يومه الاثنين 12ماي 2025 ، الشاعر والكاتب المغربي إبراهيم أوحسين عن عمر ناهز ال43 عاماً.
ولد أوحسين عام 1982م بمدينة أكادير المغربية، واستأنف وأتمَّ دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية بالمدارس النظامية المغربية. وبعدها التحق بمركز تكوين المعلمين وتخرج فيه سنة 2002م حيث استأنف العمل كمدرس بمدينة تارودانت. كان عضوا مؤسسا لمجلة أقلام عربية الإلكترونية، وعضوا في منتدى الأدب لمبدعي الجنوب، وفي مجموعة من الهيئات الأدبية والثقافية.
صدر له العديد من الأعمال، من بينها:
شموع (ديوان مشترك)، عن مطبعة نبيل سنة 2004 م.
طلقات بنادق فارغة (مجموعة قصصية)، عن بيت الأدب المغربي سنة 2008
قوافل من كلام (ديوان)، عن دار شجن الحروف الإلكترونية سنة 2016(الطبعة الأولى)، وعن هيئة الحوار الثقافي الدائم، فرع المغرب، سنة 2019م (الطبعة الثانية)
ساهم في كتاب «بصمات»، عن منشورات منتدى الأدب لمبدعي الجنوب سنة 2012 م
مدرس تحت الصفر (كتاب)، عن مكتبة ومطبعة الوسيم الحديثة بغزة، في فلسطين، عام 2017 م.
البدائي الذي يسكننا، عن منتدى الأدب لمبدعي الجنوب في المغرب عام 2021 م
مسامير (كتاب) عن دار العرفان ، سنة 2025، الطبعة الأولى