زينب مروة
صحيح أنّه يسلبك الراحة كلصّ محترف، ثمّ يجثو فوق أنفاسك، فتحاول التقاطها بصعوبة كطفل يسارع إلى إمساك ظلّه! فلا يفلح.. بعدها يرمي مزاجك بشحنات سالبة.. فتلجأ إلى القهوة (لتعديل المَيْلة)، لكنّك تُفاجأ بأنّ قهوتك فارغة من اللذّة، حتى رائحتها باتت كذكرى صديق خائن
لعلّ حواسك سكنتها سماجة ثقيلة؟ طبعا فالمرض يُعدي! فيا ليته ينقل عدواه السَّمِجَة إلى بعض المشاعر أيضا، فيصبح الحزن بليدا.. والغضب فقيدا.. والألم يتيما وحيدا
فلا يبقى على شفاهنا سوى البسمة.. نبدأ بها أيامنا كالبسملة ونختم بها ليالينا كالتصديق
لكن.. ما بين بسم الله وصدق الله.. فرح وحزن، تلبية ومعصية، راحة وألم
فهل تستقيم الحياة بالفرح والابتسام حصرًا؟
يا له من مشهد مرعب إن تحققت تلك الأمنية
تخيّل أنّك فقدتَ عزيزا، وأنّ في الجوف حزنًا عظيمًا، لكنّك سجينُ الفرح أو الضحك! تتمنّى أن تعبّر عن حزنك الكبير لفراقه.. إلّا أنّ قلبك يثمل في فرح دائم
كم هو بغيض ذلك الشعور
أجل الفرح بغيض ها هنا.. لأنّه لا يُعبّر عن جوهرنا الذي لا يُصقل إلّا بمرارة صفعةٍ وحلاوة همسة.. بحدّة طعنةٍ ورقّة لمسة
أوليس المبدع في التعبير عن الحب هو ذاك المحزون؟
أوليست الفنون الأكثر إتقانًا وفرادةً وتأثيرًا تلك الصادرة عن كائن متألّم؟
ثمّ
أوليس المرض سبيلا بليغًا لنُدرك عِظم نعمة الصّحة؟
فإذا زارك المرض، فشرّع له الأضلاع
دعه يسلب منك بعض النعم لتدرك جمالها حين الشفاء.. وسلّم أمرك إلى مَن يُقدّر ويشاء، فما بين البسملة والتصديق كلمةٌ وسطى في القرآن (وليتلطّف) بما تحمله تلك الكلمة من دلالات التوازن واللين والوسطيّة.. فعش حياتك هَوْنًا هَوْنًا ما بين الفرح والحزن.. والصحة والمرض.. والنجاح والخيبة
وما أبلغ الشاعر التهامي حين قال
طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاءِ والأكدارِ
4/1/2023
غرفة 19
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم
- الأدب الرقمي: أدب جديد أم أسلوب عرض؟- مستقبل النقد الأدبي الرقمي