هلا ياسين
الجمال هو الحب، فما تحبه تراه جميلا، سبحان الذي خلق فأبدع، حين تعثر على الجمال في قلبك ستعثر عليه في كل قلب. فما هو الجمال؟ وما هي مقوماته؟ هل هو شعور ينبعث من الوجدان أم مجرد رؤية بالعيان؟ وهل الجمال روحي أم مادي؟ ما هي تجليات الجمال في الإنسان والكون والحياة؟ هل كل الناس يحسون بالجمال ويتذوقونه أم البعض منهم؟
مفهوم الجمال: هو إرضاء العين عند رؤية شيء ما، فالجمال ضد القبح وهو الحسن والزينة (إن الله جميل يحب الجمال)
للجمال مقومات لكي يكون الشيء جميلا لا بد من
١-السلامة من العيوب
٢-التناسق والتنظيم (في الحجم والشكل واللون والحركة والصوت…)، كما يقسم الجمال إلى قسمين
أ- جمال حسي : يدرك بالحس كجمال الطبيعة في سمائها وأرضها وشمسها وقمرها وليلها ونهارها وبرها وبحرها وكجمال الإنسان من حيث تكوينه؛
ب- جمال معنوي لا يدرك إلا بالعقل الواعي والبصيرة المفتوحة
الهدف الأصيل من الفلسفة في العصر الحديث هي البحث عن الجمال في كل شيء. وعلى هذا نجد للجمال علما وفلسفة وقيما جمالية ومعايير جمالية
فهيهات هيهات أن تحصر الجمال بتعريف واحد
فالجمال نوع من الإبداع يظهر في الشكل كما يظهر في المضمون في المظهر والسلوك، في الكون والحياة والإنسان، في الصوت والفكرة والصورة، نرى الجمال على الشفاه بسمة، وعلى الوجوه بشاشة، وعلى اللسان تصديق، وفي المظهر تنسيق وفي الكون إبداع، وفي الشعر سماع، وفي الموسيقى إيقاع
يقول إيليا أبو ماضي (فكن جميلا ترى الوجود جميلا)
فالجمال تذوق يرفض العنف والفوضى
الجمال قيم تقمصها الإنسان ليسلك بها طريق الحياة
الجمال ألوان منسقة عبر الفصول وأعمال منظمة من خلال الأصول، وآداب تبعث على الذهول، وكلمة طيبة وابتسامة ترقى إلى مقام الوصول
الجمال حب لمظاهر الطبيعة، لأمواج البحر، لقمم الجبال، للسماء الصافية، لزقزقة العصافير وتغريدها، لخرير المياه وانسيابها، من يفتقر إلى الإحساس تجاه الآخرين من يعيش الفوضى ويكره الطبيعة، فليبك على نفسه لأنه حرم من أعظم الخصائص المكونة لشخصية الإنسان ألا وهي الإحساس بالجمال وتذوقه في الوجود والموجود
كون فسيح فيه من الإبداع والإحكام والإتقان ما يذهل العقول ويحير الألباب، ولكن باعتيادنا في النظر لهذه المظاهر صباحا ومساء، أصبحنا لا ندرك دلالات ما تقع عليه العين من أشكال هندسية وصور رائعة وإيقاعات موسيقية وأنغاماً هادئة
الجمال الثابت هو الجمال المعنوي فالأخلاق الجميلة ثابتة والصدق والوفاء والإخلاص والأمانة والتسامح والرحمة كلها أخلاق ثابتة، ومظاهر الطبيعة أيضا ثابتة
معادلة صغيرة: إذا أردت أن تعرف من له إحساس بالجمال ومن يفقده، راقب شخصين: أحدهما يمر على الأشياء تستوقفه للتأمل للتعبير، والآخر يمر عليه مرور الكرام لا يبالي نستنتج أن الذي استوقفه الجمال مر بثلاث مراحل تتم خلال لحظات فقط
١-الشعور بالجمال ويكون بالقلب
٢- الاستمتاع به ويكون بالعين
٣-التعبير عنه ويكون باللسان. لقد ناقش الفلاسفة عبر التاريخ قضية الجمال فمنهم من اعتبر الجمال قضية نسبية لا تجتمع إلا في الآلهة ومنهم من اعتبر أن الجمال المحض والمطلق هو الله وكل شيء في الكون يستمد جماله من الله ومنهم من اعتبر أن الجمال يوجد في عالم المثل في العالم الروحي. يقول الغزالي:” من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فهو فاسد المزاج ليس له علاج”
فبالرغم من مآسي الحياة، وقساوة الأيام إلا أننا أجمعنا على حب الجمال والتعلق به، والبحث عنه، لسطوته على مشاعرنا، وأثره في نفوسنا، ومن مظاهر الجمال الذي نستمتع به هو لغتنا العربية التي بدأت في غاية الكمال والجمال، وليس لها طفولة ولا شيخوخة، فلنشبهها، لنغدو أكثر جمالا بما تخطه أناملنا، فلنكتب بلغة التحدي والإعجاز أجمل العبارات وننثر عطرها على الملأ أجمعين
ابتدأت مقالي بجمال الكون والإنسان وأنهيته بجمال اللغة، فإن الجمال نصيب المتأملين، فالمُثل التي أنارت طريقي ومنحتني مرة بعد مرة، الشجاعة لمواجهة الحياة بمرح، هي الحب والجمال والحقيقة
“ليس الجمال بأثواب تزيننا
إن الجمال جمال العقل والأدب” علي ابن أبي طالب