د. مروان مقهور
ابتدأت المذيعة النقل المرئي المباشر بالسؤال: ما الذي يخطر على بالك وانت تتابع هذا الحدث؟
الحدث هو جلوس تشارلز الثالث على العرش وتتويجه ملكا على بريطانيا
نفس الحدث السابق كان قبل سبعون عام مضت عندما توجت أمه الملكة اليزابيث الثانية
حفل غني بكل شيء
فالمكان وستمينستر آبي، كنيسة الأنجيليكان منذ سنة 1066 حيث تم تتويج 40 ملكاً أنجليزي وبريطاني فيما سبق
الموسيقى. الملابس. المجوهرات
التقاليد. والمراسم. الكلمات “جئت الى هنا لا ليقوموا على خدمتي بل لأَخدم” والقسم
العراقة بكل معناها
غني بالأرث، وغني بقيم عديدة، بدأت بدخول عمدة بلدية وست مينيستر شاب ملتحي قدمته المعلقة بأنه أول لورد مسلم يتولى المنصب والأصغر كذلك عن عمرا يناهز 22 عاما فقط
تلاه المدعوون في الدخول، سبعة رؤساء حكومة سابقين مع ازواجهم وزوجاتهم، ورئيس الحكومة الحالي، توافدوا بسلاسة ووئام، بنفس ترتيب حكمهم، تتقلب بينهم الأحزاب الحاكمة، ويتبادلون كلمات الود والترحيب وهم الخصوم
وممثلين عن الديانات المختلفة في البلاد وخارجها
وملوك ورؤساء الدول الضيوف، بالمئات من بينهم حكام دول الكومونويلث، أربعة عشر منها يرأسها تشارلز نفسه، منها كندا واستراليا ونيوزيلاندا وجاميكا
الحفل غني بالمشاهير، من مغنيين وممثلين واذاعيين، وتوارث الأجيال
وغني بالدراما وقصص العائلة ومشاكلها، من حضر ومن غاب وترتيب الوقوف والجلوس. وعشيقته التي أصبحت الملكة. ولن تحل محل ديانا ابدا، ‘مرت بوهم بالك’ ولكنها لن تكون ام البريطانيين
خارج الكنيسة لم يتوقف المطر وتجمع تحته جمهور غفير، بعضهم خيم منذ الأمس، أسر تبحث عن البهجة لأدنى سبب، وسواح يوثقون حضورهم للحدث التاريخي دون ان يعني لهم الكثير، ومواطنون يفتخرون بتراثهم وينادون ب “عاش الملك”، واخرون يحملون شعارات مناهضة للملكية، ويهتفون بسقوطه بأنه “ليس ملِكي”، متحصنة بحقها في التظاهر وحرية التعبير والرأي والحق في تعكير صفو الملك الجديد قبل أن يبدأ
وفي نهاية الحفل، ومن بينهم جميعا غادر تشارلز الكنيسة في عربته، “كروسة” ملكية مذهبة تجرها ستة خيول بيضاء ويحيط بها كوكبة من الخيالة، آثرها وفضلها على الرولزرويس الملكية الفريدة، تركها فارغة مهملة خلف الموكب
عندها وجدت الإجابة على سؤال المذيعة أعلاه، أنا الذي لا يحبذ الحكم الملكي ولا تأخذني البهرجة وكل ما يلمع ولا أجد لنفسي في هذه البلاد انتماء ولا وطن لأفتخر به، ولكن خطر على بالي ما قاله ذلك البسيط القابع على الحدود، عندما ابهرته تلك الهوندا الحديثة تنساب عابرة وتخفي عيونها. تلك المقولة التي اتخذناها فكاهة وسخرية ونردد قصتها فخراً بسيارة لم نصنعها ولا نحسن قيادتها
وجدت نفسي ابتسم واتمتم بها مثله
“تعدى ياعن بو الفقر”