محمد بن لامين
* الراوي يستبيح العالم سرديا
يتأله بلا وعيه الداهم
يؤثث فضاءه المفتوح باللقى الخاصة والجانبية
يستل الألسن من حناجرها
والحروف من رقاعها
يرصع مأدبته الحوارية بفاكهة الأيتام
ضليع في أكل لحمة الروح
لا يبالي بما ترك منها لأنياب الكلاب
إنه يمضي قدما في سديه العميم
ولا علاقة له بحرمة الأرزاق البعيدة
* الراوي يروي عطشه، هكذا تأسست الفتوى
ولم يعد هناك داع للعنعنة
روى البخاري أو ألبير كامو
الراوي عجول ومفتقر لملأ السد
إنه يراود الكتاب عن نفسه
يقلب صوان ما لا يعود إليه
في قلب الظلمة
فقط من أجل بزة أخرى وعلبة ثقاب إقليمية
* الراوي الذي كلما انتحى جانبا
يستدعي الغائبين كلهم
ولا يمكنه بحال ذوق العزلة
يمج سيجارته ليحاط بأدخنته الفارهة
وعلى جسده يتنامى وبر الأزمنة
* الراوي في علاه
ذلك الذي يسطر لنا كراسة تيهنا
ليعيد جلبنا إلى زرائبه التعبة
ذلك الذي يفوقنا ويرى أبعد من الإصبع الذي خرج من اهتراء جرابنا
الرجل الذي امتاز برؤية عيبنا وخطايانا
المتربص بسقوطنا ووشيك نحرنا
المستثمر الذكي لثروة ضياعنا
* الراوي الأشد لهفة للماء
يستعين بلمعة السراب
ويفجر منها أنهارا تجري من تحتها الأسئلة
الراوي في رويه ورؤاه
* الراوي سليل حقل لا تي سي أليوتي أبداً
* الشاعر مستثنى من النبوة لكنه عظيم الحرية
* الراوي عبد روايته أيضاً
* الراوي المسلسل الباخع نفسه من أجل القراء
الذي كلما حدثته يقول لك : استمر
السامع الدامع المتوسل للدعاء
الكريم مانح الألقاب هنا وهناك
أسير لغة الأدب وبلاغة الجمل
طريح ليله الحائن وفي يده قلم قصير
لا يعني ولا ينجي من روع
* الراوي الحاكم بأمر الحرف كله
ناسج الجمل ومعنون الأبواب
لن يأبه يوما بالأحياء والقتلى
لكنه كآكل النمل
في التهامة واحدة يأخذ بكل الكائنات
ثم يجلس كأحزن رجل في الأرض
ويرثي نفسه بكل سرور على وديان منفاه المنتحل
يبعثر الراوي الكنز كما يبعثر القمامة
من أجل عقده الشخصي الفريد
هذه هي مغبة الهوس بالكلام
* الراوي ولا أعني به الذي يكتب من رأسه الشاهق
بل أعني به الذي يستعير الحبر السائب
ويحوله أودية عظيمة على ورقه الصغير
الراوي المعتاش على الصيد في القلوب الحرم
باقر بطون الجوعى المنهكين
الراوي الذي يشاء كل شيء
لن تتمجد أخباره