كان الفول في أول الزمان
كائنا جميلاً
ولكنه كان صعب المراس
وقد حاول عدة مرات ان يطارد
شجرة الليمون
ليرتكب معها الخطيئة
غير ان شجرة الليمون المتعالية
وضعت أمامه شرطاً مذلاً
وهو التواضع وتمتين علاقته بالكمّون
فرفض الفول بإباء
وسرق ليمونتين فارهتين
وعصرهما على رأسه
ورؤوس الأشهاد
فاعتبر سكان الجنة المحافظون
تصرف الفول منافياً للأمانة والحشمة
فحملوه
وألقو به في البرية ..فنظرت إليه الشمس نظرة استهجان وجففت خصاله ومآقيه
وبينما كان الفول يتقلب على نار عزلته ..حمله رجل ومضى به الى البيت
وطلب من زوجته ان تعمل به عملاً ..يقيهم الجوع
فأخذت الزوجة الفول
وألقت به في القدر وغمرته بالماء ونسيته مدة تكفي لطهي الحصى وتحويلها إلى غبار
وعندما اخرجت المرأة الفول من القدر
أصيبت بالرعدة ..وكانت المرأة عاقراً وعلى قدر وافر من الجمال والأحزان
وانتبهت المرأة إلى حبّات الفول ..كانت الحبّات تسبح في مياه الصحن الغريبة مثل أجنَّة أضاعت أمهاتها وتكومت على سرتها وأسرارها وحزنها الصريح ..مثل فتيات ولدن بغتة في زمن التماسيح
الام العاقر وعندما تأملت الأجنة التي تسبح في الماء المريب
صاحت إنهم اولادي ايها الرب الرحيم
..ثم احتضنهم
واحتضنت صحنهم واحتضنت لهب الماء الثقيل وضحكت ضحكة بحجم النافذة المتصلة
بالسماء ..وبالغيب العميق
عندما دخل الرجل وتامل الصحن الذي تحتضنه زوجته ..وتأمل
الدموع واللهب والصحن المستريب
..قالت له زوجته
..إنظر ما اجمل اولادي وقبل انت تنهار على الارض من وحدتها وأحزانها ..امسك الرجل الصحن ليمنعه من السقوط
وتامل حبات الفول
..وتذوقها
فشعر بالغبطة والجوع ..فَرشّ عليها وابلاً من الملح والكمّون وعصير الليمون والثوم
وجلس القرفصاء .وبدأ الاكل بهمة وقداسة وذهول
وعندما استيقظت المرأة ورات زوجها ياكل حبات الفول
صرخت فيه بلوعة وذبول :انت تاكل اولادي ايها الرجل المريض
فقال لها الرجل والأشياء تسيل على جوانب فمه
لقد اكلت الحرب كل الاولاد
فاتركيني فأنا أكاد أموت من الجوع
….م.أ.معتوق