د. رسول عدنان
تركتُكِ تقولي كلَّ شئ – – و ذهبتُ أجلسُ في العراءْ
( الى امرأة لا تتحّقق )
هذه هي القصيدةُ التي أستحي منها ولا تستحي مني، أفصّلها ثوباً لا يرتديه أحدْ
أرسمُها قبلات لم تخطرْ على شفاه؛ تخيّلتُها مدناً مهجورةً فيها وقع أقدام كثيرة , و أحاديثُ لا تنتهي
قلنسواتٌ تتساقطُ على أرصفةِ لم يمرّ بها أحد
و أنهارٌ أسمعُ خريرَ مياهِها على خارطةِ الحائط
طالما سخرتْ منّي هذه النهاراتُ الحزينة؛ و أنا أرسم ُحبيبةً ملوّنةً في لوحة الحيرة ثمّ اقبّلُها في العراءْ
لم تكوني وحدَكِ في اللوحةِ بل كان الصمتُ الذي يهذي كثيراً يحيطُ بكِ
و كنتُ أنا ذلك السمّاقُ الذي يزيّنُ شفتيّك؛ و كنتِ ذلك العشقُ الذي يستغلنُي
****
أّيّتها الأنا التي تحيطُ بي؛ تركتُكِ تقولي كلَّ شئ و ذهبتُ أجلسُ في العراء
أيّتها الفراشاتُ التي أطلقُها كالطائراتِ الورقيّة – – علّك تصلي اليها ؟
يا أغصانَ التين التي تسحرُ المآرةَ؛ أيّها الكرزُ الذي يعدنُي بأشياء لم ينفذّها قطْ
و انت يا امرأةً ترممُ أسمَها بأستغلالي تبني مدناً بعظامِ عشقي و تهدّها
دعي صوتَك يمرُّ بي و يطلق ُ العصافير في الغبشْ
لماذا كنتِ لافتةً لا تدلُّ على شئ؟ لوحة بلا ألوان و طريقا لا ينفذّ الى مبتغى؟
لازلتِ لؤما يتدحرجُ من أعلى أنايْ، عشقتُكِ حتى نبت العشب على يدي
حتى تدحرجَ عشقي و أرتطم بنهدك و هو يعبث بأصابعي الناعسة
تبّا للساقية التي أوصلتني اليكِ لذلك العناد الذي بصقَ بوجهي
و أنا أقطفُ التينَ الذي يتساقطُ من أنوثتكِ و هي تسخرُ منّي
و أنا أشيّدُ المدنَ التي لا أسكنُها
***
المتاهةُ و انتِ ضدّان لا يلتيقان بخاطري يا ناقدتي التي يخذلُها الكلام
دعيني أجوسُ أزقّةَ صدركِ المكسوِّ بالكنافة؛ دعيني أرمّمُ الأناقةَ في أنوثتكِ
أسألُ عنك الحروفَ الأبجديّة و اللا أبجديّة
علّي أحدّثُ عنك الكرزَ في العراء؛ او طائرَ السنونو حين يحطّ ُعلى نافذتي؛
او حتى أسألُ عنك الأشياءَ التي أحببتُها في شبابي؛ علَّها تقودنُي الى أسمكِ الذي صار
غوايتي و ألعابَ الصغارْ
فمن يقودنُي الى ضياعِك الذي لم أجده؟ الى بساتينِك التي هاجمني نحلُها الذي يغار مني
الى الأوراق التي كتبتها لك و تناثرتْ في العراءْ، و أنتِ عذابي الذي لا أشفقُ منه
و أنتِ خيبتي التي كانت أمامي و ألمحها في الظلام، يا بقايا عظام أحلامٍ أتى عليها الندمْ
يا بقايا أماني نسيتها على الحائط فأكلتَها الآرضة؛ يا فاكهتي المحرّمة و نكهتني التي لا تطاق؛
عشقتُكِ حتى نبتَ العشبُّ على يدي؛ حتى رهنتُ خاتمي لديك بلا ثمنْ؛ يا نخلتي التي تشهقُ بأنفاسي يا أرضي التي أستباحها سواي؛ مَن لي بمهمازك يجرُّني اليكِ؟ كيف أجرّك من شعرِكِ؟ و أنتِ الغبشُ كلُّه و الشمس التي تنأى خلف أوهامي! كيف أرسمُك مستطيلا منْ عشقْ و انا دائرةٌ من ضياع؟ يا أوراق الدفلى التي تكسّرت بين أصابعِ الصغار؛ يا ثيابَ الملكاتِ القديمةِ و رائحةَ الوصائفِ في القصور؛ يا بقايا أماني نسيتها على الحائطِ فأكلتها الآرضة