اختتمت فعاليات الملتقى الدولي الأول لغرفة ١٩ والتي ولدت نتيجة احتباس العالم في غرف مغلقة فكانت هذه الغرفة المفتوحة لتلاقي الابداع والمبدعين من مختلف انحاء العالم. وكان هذا الملتقى الدولي الأول في مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك تحت عنوان” سلطة اللغة والأداء ما بين الشعبي والفصيح: “شعر الحب والغزل نموذجاً “، حيث شارك في الملتقى على مدى يومين أكثر من ٢٥ شاعر وباحث يمثلون أكثر من ست دول عربية بالإضافة لمصر التي كان لها النصيب الأكبر من المشاركين.
بدأت الفعاليات صباح السبت ٢١أكتوبر ٢٠٢٣ بجولة للوفود لتفقد مقتنيات المكتبة واستمعوا لكلمة مختصرة من الأستاذ/يحي رياض – مدير المكتبة، وفي نهاية الجولة قام بعض المشاركين بإهداء نسخ من أعمالهم للمكتبة.
وفور اكتمال وصول الوفود بدأت الفعاليات بكلمة الدكتور حنا نعيم عضو المجلس الأعلى للثقافة، وعضو مجلس أمناء التراث بوزارة الثقافة – المنسق العام للمنتدى بإلقاء كلمة ترحيب بالحاضرين، أعقب ذلك نهوض القاعة لتحية العلم ثم الاستمرار وقوفاً لمدة دقيقة حداداً على شهداء الوطن والإنسانية بوجه عام. ثم اعتلت المنبر الأديبة اللبنانية إخلاص فرنسيس- رئيسة الملتقى، حيث وجهت عميق الشكر للدكتورة نيفين القباج وزيرة الشؤون الاجتماعية، كما أثنت السيدة إخلاص على مدى التزام غالبية المشاركين بالحضور وإقدامهم على السفر برغم الأحداث الدائرة في المنطقة، وغياب لبعض المشاركين العالقين ببعض الدول العربية، ومما جاء في كلمتها:
ثمّةَ كلمةٌ واحدة جمعتْ كلّ إنسانٍ من مشارقِ الأرضِ ومغارِبها، وهي كلمةُ الحبّ، هذه التي أقبل عليها الكلّ، غنّاها وتغنّى بها الشعراء والمبدعون، فهي التي تتوق إليها أرواحُنا، ويسيلُ لها لعابُ أقلامِنا، وأحبارُ قلوبنا، يجمعُنا حول موقدِه، نقتربُ من صومعتِه طارقينَ بابَه بالشعرِ والبحثِ والعلمِ والوجدان، نفحصُ على ضوئِه تاريخَنا، حاضرَنا ومستقبلَنا، أهدافَنا ومصيرَنا والتراثَ وماهيّته، وبالتالي ماهية وجودِنا.
كم جميلٌ أن أكون بحضرةِ كوكبةٍ من المبدعين أضمُّ إلى ألبوم ذاكرتي ومذكّراتي يوماً تاريخيّاً عابقاً بالشعر، وعالقاً في ذاكرةِ اليوم لمستقبلٍ آت.
أكتبُ كلماتي على الرغم ِمن ظروفِ الحياة التي تقف دائماً بالمرصاد كي تُبقيَ الكلَّ منقوصاً، ولكنَّ الاكتمالَ هو في إتاحةِ الفرصِ للتفكير والإبداع، وتحوير كلِّ شيءٍ كي يصبَّ في خانة اللقاء الإنساني. هذا اليوم بصمةٌ في تاريخِ الأبجدية التي اجتمعَ إلى مائدتها الشعراءُ والشاعرات، الباحثون والباحثات، يفضّون أسرارَها، حبرُهم محبّة، ومدادُهم الإبداع، يخلقون مدرسةً أخرى تتنزّهُ بين الناس، قوامُها كلماتٌ تتواصل، وتتناثر، ثمَّ توزَّعُ على المسامع، فتُعلّم..
هناكَ من نذروا ذواتَهم للسلامِ العالمي، وخدمةِ الإنسانية، لإبعادِ شبحِ الحربِ والخوفِ والمنازعات، وهناك من نذروا ذواتَهم للكلمةِ والحرف، للشعرِ والبحث، للأدبِ والثقافةِ بشكلٍ عام، ونحن هنا في الملتقى الدولي الأول، نلتقي بثلّةٍ ممّن نذروا أرواحَهم للجمال ونشره لإبعادِ شبح البشاعة خدمةً للإنسانيةِ، وأنا لا أرى أيَّ تعارضٍ بين سلاحِ السلام، وسلاحِ الكلمةِ التي حولها نجتمعُ اليوم.
إنّنا نرتكبُ خطأ شنيعاً حين لا نحترمُ القلم الذي بين أيدينا، هذه القوة الممنوحة لنا دون سوانا، به نشقّ طريقَ المستقبل، كلُّ حاملٍ للكلمة مسؤولٌ أمامَ الخطر الذي يهدّد الجنس البشري.”
وختمت:
عندما فكّرتُ بإقامة الملتقى الأول هذا، كان لا بدّ أن أجدَ عنواناً يجمعُنا حوله، أومت إليّ تلك المحبةُ يومَ ولادةِ الغرفة ١٩
ضمّتني تحت جناحيها، حين جمعتني مع وجوهٍ عربية، هدفها المحبّة، نفذ خطابُها إلى أعماقِ الروح، صدقتها، نجوتُ من الأنا، وعندها استطعتُ الفكاكَ من الأحادية.
لندعْ موسيقا المحبّةِ تتحدَّثْ إلينا كما يتحدّثُ الليل للنيل، ونصغي إلى ما تقوله الريحُ للأرزِ والنخيل، نشهدُ عناقَ لغة تقي من الإبادة، تتناسلُ من البحثِ عن الإنسان، ونواة أدبٍ تمتدُّ جذورُه عميقاً يستقي حبرَه من الحبّ.
هذا هو الملتقى الأول، القطرةُ الأولى التي أتمنّى أنْ تغدوَ مستقبلاً وابلاً مدرارا، فلا حدّ للطموح الذي سنرتقي بهِ درجاتٍ درجات.
ملتقى الشعرِ والحبِّ والجمال.
أعقب ذلك كلمة المهندس ماجد الراهب رئيس الجمعية المصرية للحفاظ على التراث والمشاركة في إعداد الملتقى والممثلة لوزارة التضامن الاجتماعي، ثم تحدث الدكتور حنا نعيم عن مدى الجهد المبذول على مدى أكثر من ثلاثة أشهر كي تخرج فكرة الملتقى للنور وتصبح واقعاً ملموساً على الأرض، ثم اختتم كلمته بعرض فيلم قصير عن الملتقى والمشاركين به.
أدار الجلسة الأولى أ. د. شريف الجيار وبمشاركة كل من: الدكتورة صالحة خليفة من الأردن والتي ألقت بحثاً عن شعر المرأة الخليجية ثم تلتها الأستاذة عزة رياض من مصر والتي ألقت عدة نماذج من مؤلفاتها في قصيدة النثر، بعد ذلك تحول الميكرفون إلى الشاعر اللبناني الكبير سليمان حذيفة الذي ألقى مجموعة من القصائد التي جعلت القاعة تضج بالتصفيق، سواء التي كانت بالفصحى أو المحكية اللبنانية، وأثناء الجلسة قدم العالم الكبير الدكتور خالد سعد- الذي ساهم بالعديد من المكتشفات الاثرية بكهوف مصر- مداخلة قدم فيها رؤيته التي تمنى فيها أن يكون الملتقى، ملتقى يشارك به جميع فئات الشعب وأن تكون هذه الملتقيات جماهريتها مستمرة ولا تنتهى بنهاية الجلسات. ثم اختتمت الجلسة الأولى بدعوة المشاركين لمعرض الفنان التشكيلي اللبناني يامن صعب والذي كان بعنوان ” وجوه إذا حكت”. تميز المعرض بأسلوب خاص في رسم ملامح الشخصيات المشهورة العربية والعالمية باستخدام حروف اللغة العربية مثل فيروز، سعيد عقل مي زيادة وجبران خليل جبران، سلفادور دالي، وميخائيل نعيمة نوال السعداوي، وفريد الأطرش طه حسين أم كلثوم احمد شوقي…إلخ.
بدأت فعاليات الجلسة الثانية من اليوم الأول والتي كانت تحت إدارة الشاعر اللبناني مارون الماحولي، بمشاركة الدكتور أسامة البحيري-أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة طنطا والذي ألقى بحثاً عن التحولات الشعرية الرقمية العربية، ثم جاء دور الدكتور محمد الحوراني من الأردن والذي ألقى بحثاً عن الشعر النبطي في دولة الإمارات العربية المتحدة، البريكي نموذجاً أعقب ذلك مشاركة الشاعر اليمني محمد البكالي بإلقاء عدة قصائد بالفصحى اختتمها بقصيدة موجهة لابنته ذات الـ١٢ ربيعاً، ثم تحول الميكرفون للشاعرة السورية ناهد شبيب التي بدأت مشاركتها بإلقاء قصيدة عن دمشق ثم اختتمت مشاركتها بإلقاء قصيدة غزلية جريئة جعلت القاعة كلها تجاوبها بآهات الإعجاب والاستحسان، واستكمالاً للمشاركات الشعرية قام الشاعر الشاب أحمد عبد الغني بإلقاء عدة قصائد بالفصحى وكان مسك الختام بحث مقدم من الأستاذ عبد الواحد محمد بعنوان: ” إخلاص فرنسيس بين الحداثة والوثائق الرقمية”. ثم شاركت القاعة بعدة مداخلات من بينها مداخلة الدكتورة نجلاء باخوم – عضو مجلس النواب التي أثنت على فكرة الملتقى ووجهت الدعوة لتكرارها بصعيد مصر كي تعم الفائدة، كما ألقى الدكتور سيد عويس – عالم الاجتماع كلمة عن دور الثقافة في إحداث الترابط بين أبناء المجتمع.
بدأت فعاليات الجلسة الثالثة – بإدارة الشاعرة العراقية الدكتورة نداء عادل – بمشاركة بحثية من أ. د. أحمد جريو حول شعر البكائيات في صعيد مصر، تلتها مشاركة بحثية أخرى من الدكتورة عبير خالد من سوريا وكانت عن فن الواو بصعيد مصر، ثم قام الفنان التشكيلي يامن صعب بإظهار الجانب الثان من شخصيته الفنية بإلقاء الشعر وبدأ مشاركته بقصيدة عن البطلة الفلسطينية عهد التميمي، ثم جاء دور الشاعرة السكندرية هالة الفحام التي استهلت مشاركتها بقصيدة بعنوان بنت بحري”.
أما الجلسة الرابعة والختامية لليوم الأول فكانت تحت إدارة الدكتور خالد أبو الليل- وكيل كلية الآداب بجامعة القاهرة وبمشاركة كل من: الشاعر على عمران والذي ألقى عدة قصائد بالفصحى من أبرزها قصيدة ” هي والبحر”، والباحثة أحلاهم نوارة التي تحدثت عن شعر الغزل لدى المرأة في البادية المصرية ثم تحول الميكرفون للشاعرة العراقية الدكتورة نداء عادل وقدمت ملخص البحث بعنوان: أدب المرأة بين المقدس وحرية الإبداع والذي تناول كتابة المرأة الإبداعية، والتي يمكن أن تتطور إلى خصائص وسمات ظلت مغيبة طوال الفترة التي انفرد فيها الرجل بكتابة النصوص الأدبية، طارحًا التساؤل عن إمكانية أن يتغير هذا الأمر وأن نشاهد ولادة جديدة لأدب المرأة بعيدًا عن الإحساس بالدونية والسيطرة الذكورية؟ ثم ألقت عدة قصائد بالفصحى ثم قدمت الأستاذة بثينة فرج بحثاً عن تأثر الشعر العبري باللغة العربية وقدمت قصيدة “زهرة الفاسية” دليلاً على ذلك، وقد شاركت في قراءة الترجمة العربية للقصيدة الدكتورة شيرين العدوي والتي ألقت فيما بعد مجموعة من قصائدها بالفصحى، في ختام اليوم الأول من ملتقى غرفة ١٩ كان الحاضرين متشبثين بالجلوس في القاعة ومطالبين بالاستماع لمزيد من الأشعار معبرين عن إحساسهم بمرور الوقت كحلم جميل انتظروه طويلاَ وها هو اليوم يصبح حقيقة تشهدها العيون وتدركها الآذان وكل الحواس مما جعل ختام فعاليات اليوم الأول ينتهي بصعوبة بالغة حيث طالب المشاركون والحضور بإعادة بعض القصائد وتعلقهم الزائد المعبر عن الحب والفرحة بالمشاركين في الملتقى ووجدت إدارة المكتبة صعوبة بالغة في صرف المشاركين بسبب الزحام وتأخر الوقت وبسعادة الجميع بالنجاح الباهر بختام اليوم الأول الملتقى.
صباح يوم الأحد عقدت الجلسة الخامسة والأخيرة من فعاليات الملتقى وكانت تحت إدارة الشاعر واستاذ الموسيقى العربية الدكتور محمد شبانة –والذي مزج الجلسة بغناء بعض من مؤلفاته وبعض من أغاني خالد الذكر سيد درويش بمناسبة مرور مائة عام على رحيله، أعقب ذلك مشاركة الشاعر والإعلامي علي مصطفى- كبير مذيعي صوت العرب والذي ألقى مجموعة من القصائد بالفصحى والعامية ثم ألقى الشاعر اللبناني مارون الماحولي بحثاً عن الشعبي والفصحى في المحكية اللبنانية، أعقب ذلك مشاركة الطبيب والشاعر العراقي ذر الشاوي الذي قدم نماذج من أشعاره، التي استخدم خلالها عدة لهجات من الوطن العربي، بمصاحبة عزف على العود وأداء لبعض من اشعاره المغناة، ثم جاء دور المهندسة والشاعرة فاطمة ناعوت التي ألقت عدة قصائد بالفصحى، ثم عرضت الباحثة سحر النحاس بحثاً عن تأثير القصص الشعبية في الشعر والدراما، ،في الختام قدم الشاعر السكندري منير عتيبة مجموعة من القصائد بالفصحى.
بعد ذلك جاءت فقرة التكريم للرواد، حيث قدمت الكاتبة إخلاص فرنسيس رئيسة الملتقى درع التكريم للكاتب الكبير والناقد والأكاديمي الأستاذ الدكتور مدحت الجيار تقديراً لمسيرته الحافلة عبر أكثر من نصف قرن من الزمان وكذلك تقديراَ لدوره الفني والإنساني في نشر الثقافة الرفيعة داخل وخارج مصر. وقدمت الدكتورة نانسي إبراهيم اعتذار للحضور لغياب د. واسيني الأعرج واستلمت الدرع نيابة عنه.
عقب ذلك قامت الكاتبة إخلاص فرنسيس والدكتور حنا نعيم بتسليم المشاركين من الشعراء والباحثين شهادات التقدير وميداليات التكريم.
واللافت في هذا الملتقى بعض المقاطعات من الشعراء المصريين والعرب للجلسات منهم الشاعر المصري الباحث الدكتور أبو الفتوح البرعصي والشاعر اللبناني سليمان حديفه والدكتور الباحث احمد جريو والأستاذ مارون الماحولي بتقديم مقاطع من الشعر المرتجل التي ابتكرت خصيصاً وبشكل انفعالي في لحظات من التجلي إعجابا بالمادة المقدمة والتنظيم اللافت للملتقى والقائمين عليه والحضور.
ثم جاءت مفاجأة الختام بعرض ثنائي للفلكلور اللبناني من رئيسة الملتقى الأديبة إخلاص فرنسيس والشاعر سليمان حذيفة حيث قاما بغناء مقاطع من التراث اللبناني الغنائي الميجانا والعتابا، كما رقصا على إيقاع الدبكة، مما أثار الحضور إعجابا وتقديراً ومشاركة فعالة بالحدث. وعند التقاط الصورة الجماعية قام المشاركين برفع علم مصر وعلم الغرفة 19 وعلم مكتبة القاهرة الكبرى وغنى الجميع مقطع من أوبريت الوطن الأكبر في تظاهرة حب تؤكد أن القوة الناعمة كانت وستظل أساس الوحدة الانسانية.
وفي النهاية لا يسعنا إلا شكر الشخصيات الهامة التي جاءت لتهنئتنا من مصر، على سبيل المثال لا الحصر،
رئيس مجلس المنتدى الثقافي المصري الأستاذ الدكتور حاتم قابيل
والسيد السفير الليبي السابق الدكتور عبدالله معتوق
عضو مجلس النواب في مصر د. نجلاء باخوم
عضو مجلس العائلة والباحث الأستاذ الدكتور سيد عويس
عالم الاثار الأستاذ الدكتور خالد سعد
وعضو لجنة التراث الغير مادي في المجلس الأعلى للثقافة الاستاذ الدكتور احمد سعد جريو ـ مشارك
ومن جامعة القاهرة الأستاذ الدكتور خالد أبو الليل
ومن اكاديمية الفنون الأستاذ الدكتور محمد شبانة أستاذ الموسيقا العربية وعميد معهد فنون الطفل بأكاديمية الفنون
رئيس مكتبة القاهرة الكبرى التابعة لوزارة الثقافة الأستاذ يحيي رياض
الاستاذ الدكتور شريف الجيّار عميد كلية الالسن في جامعة بني سويف – مشارك
الدكتور ابو الفتوح البرعصي رئيس شعبة أدب البادية باتحاد كتّاب مصر – مشارك
والشكر موصول للقنوات المحلية والعربية التلفزيونية والإذاعية والصحف المطبوعة والإلكترونية التي واكبت الفعاليات وكان من ضمنهم على سبيل المثال لا الحصر:
الفضائية المصرية الأولى
والنيل الثقافية الفضائية
إذاعة صوت العرب
إذاعة البرنامج العام الثقافي
الدكتورة منال العارف كبير مقدمي البرامج بإذاعة صوت العرب
الدكتور احلاهم نوارة رئيس شبكة البرامج الثقافية في الاذاعة المصرية ـ مشارك
جريدة المصري اليوم
موقع البوابة نيوز
وفي الختام تم تقديم التحية لمصر ثلاث مرات ” تحيا جمهورية مصر العربية”
فعلاً بأنه ملتقى الشعرِ والحبِّ والجمال.
وتجسيد حقيقي للإنسانية
فمزيدا من الإبداع والتميز والتألق أتمناه لك 🌹
تحياتي لك والشكر استاذ إسحاق
باقات الشكر والامتنان