بقلم فاطمة النبهان – البحرين
خطيت نحو فراشي واندسيت بداخلة بعد أن اطفئت الأنوار، كالمعتاد قضيت يوما مرهقا بالعمل، تنهدت بعمق وأنا اغمض عيني أحلم بنوم هادئ وعميق، جهود مضنية أقضيها بالشركة وتعامل مستمر مع العملاء قليلي الذوق، اصبحت كالخادمة أكثر من كوني موظفة، بعد تخرجي من الجامعة كنت أحلم بهذه الوظيفة ولكن ما تعلمته أثناء الدراسة يختلف تماما عما أراه الآن في بيئة العمل
أنا أعمل بهذه الشركة منذ عشر سنوات اضطر يوميا بأن أتعامل مع أسوء البشر أخلاقا وأقلهم احتراما، لكنني مجبرة على أن أحتمل هذا الوضع فأنا أعول أسرة مكونة من ثمانية أفراد وحلم التقاعد بعيد جدا في أن يتحقق، على الأقل في الوقت الراهن
وكعادتي قبل أن أنام أحمل هاتفي المحمول لأنتقل هنا وهناك بين المحادثات، وامرر الصور والفيديوهات، لا أرغب بمشاهدتها ولا أملك المزاج لذلك
مر أمام ناظري اسم مسئولي بالشركة، هناك محادثة منه لا أريد أن اقرأها فحتما مزاجي سيتعكر من أمور العمل والأوامر التي لا تنتهي
تلاحقني تلك الأعباء حتى وأنا في فراشي، كم هم أوغاد هؤلاء الرؤساء وكم هم ماهرون في أن يتفننون بطرد متعة النوم من أعيننا
تقلبت جهة الناحية الأخرى وأنا أرفع ملائتي القطنية على رأسي ما أجمل دفء الفراش وما أروع صوت هدير المكيف المركزي
فتحت البروفايل وشعرت بحرقة في صدري وألم يعتصر قلبي وأنا اشاهد الصورة، لقد توفيت أمي منذ أعوام طويلة أما أبي فلقد رحل منذ أشهر قليلة، لكم افتقدهما
لم أبدأ بالتفكير إلا واظلمت شاشة الهاتف، واختفت صورتهما خلال ثوان، تسائلت: هل يعقل بأن الحياة قصيرة لهذه الدرجة؟
هل تلك الأيام التي قضيتها معهم قد رحلت ولن تعود؟
عاودت الضغط على هاتفي لترجع الصورة مجددا، ما أصعب هذه الحياة وما أقساها
ها قد اظلمت الشاشة واختفت صورتهما من جديد، تماما كما أظلمت حياتي بعد رحيلهما
هل كانت حياتي معهما لم تكن سوى ثوان معدودة
مثلما اصبحت صورتهما تختفي من امامي ناظري الآن؟
لماذا يستفزني هاتفي بهذا الشكل؟؟
اعدت تشغيل الصورة ولم تمر ثوان حتى اختفت
اعدت تشغيلها مرة
وثانية
وثالثة
وخامسة
وعاشرة
وفي لحظة رفعت هاتفي لأرميه أرضا محطمة اياه بعنف