قصة قصيرة – أيمن عبدالحق/السعودية
في كل مرة يتشاجر معها تعاوده الأسئلة ، وكلما خلا بنفسه للنوم حاصرته أشباح الحيرة وحشرجات ( هل ) وأخواتها
أصابعها التي زرعت سنبلات واثقة , نسيَت أن تقتلع شوكة جف الخوف في عروقها منذ أشهر . أصابعها وقد أيقظت ضمير الجدران, تعب الزوايا , التحف الموزعة بترتيب استثنائي هنا وهناك ، نسيت أن تقوم بترتيب خطوات تمردت في ضميرها . يظللها سراب ضبابي ويعيرها المجهول هالة شاحبة وتمتد إليها مخالب معقوفة تخدش تعرجات العمر الآسن
في شرودها المتكرر تلقي بها الريح في هوة سحيقة . تتشظى ألف كلمة بلا معنى , المعاني فقدت ظلالها بعد أن حجز الجدب مقعدا في الذاكرة. وكثيرا ما يفشل زورق انفعالاتها في الإفلات من عاصفة جموحها
هي تتحاشى النظر إلى عينيه ، وهو ينشد في عينيها عقابا أقل قسوة. يذبحه ولعها المتوالي بتفاصيل طارئة عليها ، ويؤرقه تجاهلها المتصاعد لأسرار شيداها معا . لم تعد تحفل باحتياجات أطفالها الخمسة ، ولم يعد يعنيها كثيرًا أن تروي عطشه أو تسد جوعه الغريزي … يتوهج اشتهاؤه كلما انطفأ بوحها ، وتذبل انتصاراته كلما لمحها تداعب خصلة من شعرها وهي حاضرة في غيبوبة ابتسامة شاردة .. تدندن بأغنية لا يتذكر أنها ضمن الأثاث السمعي للمنزل , أو كلما لفحَهُ ضوع عطر لم يزر يوما تسريحتها
يستغرب عصبيتها الزائدة حين تنقطع خدمة الإنترنت أو تنتهي الباقة أو تهاجم الفيروسات جليسها الوثير الذي لا يغادر كفها. لكن الطمأنينة تغمر نفسه -أو تكاد- كلما تذكر أنها من مواليد برج العذراء
في غيابها يطيل النظر إلى هاتفها المحمول… وفي حضورها تحجبه عنه التفاصيل الراعفة
يخترق حاجز الكلام بنظرات يسترقها إلى لفتاتها التائهة . تيأس حبال جنوحه من ترويض استنتاجاته الثائرة
يقترب منها.. يحاور أصابعها المسافرة والتي عقدت صداقة حميمة مع لوحة المفاتيح… أصابع ربما لعقها ذئب ( افتراضي )… ربما
في كل مرة تدهمه تقاطعات الأشياء وتفجؤه احتدامات الأحداث , يفكر…يتأمل يحتضر
“ما الذي يمكن أن أستثنيه من رقعة الأسئلة” ؟