
ناظم الصرخي
رسائل لم تصل بعد
5
تتعثر أحداقي بأجفانها راكضة نحو وهج خيالٍ رسمَ على الدروب افترارَ شفتيك وابتسامةَ ثغرك، كان وجودك في دمي طوفانًا من رعشات الوجد في غابة من البنفسج والرياحين، يحضنه الثلج حينًا وتحضنه الشمس الدامية أحيانًا فتسوط الرياح بسياط اللهفة غيومي المشبّعة بأمل اللقاء حتى سيلان الضوء، بي ما يضيء دهاليز البحار يا قاتلتي، فحين انسحبت صفعني الواقع بكلتا يديه وكأنما كنت أرتاد عوالم أخرى قابعًا تحت تأثير جرعات مخدرة تُطعم دمي، ربيع خضّبه الأسى وبحرٌ راعفٌ بألوان شتى للحزن ووتينٌ متبعثر غاب عنه النبض الهامس
أسبل الضوء أجفانه ونامت السنة المحتضرة شلّت دهشة ما أرى عصب الحياة البليدة بعدك وأذكر حينَ أغرقُ في بحرِ عينيك أستسلمُ للخدرِ اللاهوتي ولا أفكر بالآتي إذ كنت أنت الحياة
كانت قبْلتي بعد الخالق شرفتك المعرّشة بورد الياسمين، وكانت غيرتي مهولة منه لأنه يتنفس عطرك ويسمع أنفاسك، يبحث الآن قلبي عن عطره في مجرّة لا يراها
كنت ترددين بأنك كالكتاب المركون، ركنتك في قلبي يا سيدة الكتب لأقرأك يوميًا بحواسي الخمسة خوفًا أن يقرأك غيري، فأنت فصولي الأربعة وكلّ طقوسِ الإلهامِ، وحين أشمّ عطرَ الحروفِ أدخلُ في غيبوبةِ الولهِ، وأنتشي عندما أكمل قراءتك قبل الفجرِ حينها تتفتحُ بتلاتك أمامي من جديد
لا تنتظري مني بدايةً فأنا بدأتُ من النهايةِ ونقشتُ على أحجارِ الياقوتِ التأريخَ وعمّدتُ النقشَ بماءِ الطهرِ، لا رسمًا على رمالِ شاطئ يتلاشى في ثورةِ بحرٍ
بعض الأحيان
قد تقطع أشواطًا حرّى للنسيان
ويعيدك حرفٌ أو كلمةْ
تفتح للذكرى أشجان