أجرى أحد المواقع الإلكترونية، وبمناسبة عيد الأم، الذي يصادف الحادي والعشرين من مارس/ آذار استفتاءً حول أي الأغاني العربية المهداة إلى الأم أكثر جمالاً وشهرة، وأورد الموقع أسماء عدد من هذه الأغاني ليدلي المتابعون بأصواتهم لصالح الأغنية التي يضعونها في الخانة «أولاً».
طبيعي أن تكون أغنية «ست الحبايب» للفنانة فايزة أحمد أولى الأغاني التي اقترحها الموقع، لتليها أغنية الفنانة فيروز «أمي يا ملاكي/ يا حبي الباقي إلى الأبد/ ولا تزل يداكِ أُرجوحتي/ ولا أزل ولد»، وهي من كلمات الشاعر سعيد عقل وألحان الأخوين الرحباني، وهناك أغانٍ أخرى، أوردها معدّو الاستفتاء، أعترف أني لم أسمع بأغلبها من قبل، ليس فقط لأني لست متابعاً لكل ما يغنى، وإنما على الأرجح لأن أغلبها لم ينل من الشهرة والنجاح ما حققته أغنيتا فايزة أحمد وفيروز. ويؤخذ على الاستفتاء نسيانه لواحدة من أجمل الأغاني العربية عن الأم، أغنية «أحنّ إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي» لمرسيل خليفة، التي كتب كلماتها الشاعر محمود درويش، في مطالع شبابه، وهو معتقل في السجون الإسرائيلية، لوالدته السيدة حورية، حيث كانت تلك تجربته الأولى في البعد عنها، وفيها قال: «وأعشق عمري/ لأني إذا متّ أخجل من دمع أمي».
دون التقليل من الأغنيتين الجميلتين للسيدة فيروز ومرسيل خليفة، فإن «ست الحبايب» تظلّ هي الأشهر، فهي متجددة الحضور والانتشار، رغم مرور عقود طويلة على غنائها. ولهذه الأغنية حكاية تتلخص في أن كاتبها الشاعر المعروف حسين السيد صُدم، وهو يزور أمه ليلة العشرين من مارس عام 1958، أي قبل عيد الأم بيوم، أنه نسي أن يحضر لها هدية بالمناسبة، وعلى ذمة من رووا الحكاية، فإن حسين السيد، وفي نوع من الاعتذار إلى أمه، أمسك لحظتها بورقة وقلم وكتب لها كلمات تلك القصيدة، وبعد أن قرأها عليها، أحسّ بسعادتها الكبيرة وهي تسمعها، فاستأذن منها أن تحوّل تلك الكلمات إلى أغنية.
أما كيف أصبحت الكلمات أغنية لفايزة أحمد، فلذلك حكاية أيضاً، ومرة أخرى على ذمّة من روى، فإن حسين السيد اتصل من فوره بالموسيقار محمد عبد الوهاب وأسمعه كلمات القصيدة، فراقت له كثيراً، وطلب منه إحضارها له فوراً، حيث لحّنها بسرعة قياسية، بل طلب من فايزة أحمد الحضور إلى منزله لتتدرب على أدائها، لتتحول إلى واحدة من أجمل وأرقّ أغاني الوفاء للأم، ورغم ما تبدو عليها كلماتها من بساطة، مقارنة بأغنيتي فيروز ومرسيل خليفة، فإنها تفيض عذوبة ووفاء، ما جعلها قريبة من قلوب المستمعين من الأجيال المتعاقبة، بل إن اسم الأغنية: «ست الحبايب» صار تعبيرنا المفضل حين نشير إلى الأمهات.