السماء لازوردية، ثمة غيوم بيضاء متناثرة تخترق غيوم رمادية اختراق خيوط الفجر للعتمة، اتحدت الغيوم فأصبحت غيمة واحدة!
كانت تلك الغيمة البيضاء غريبة في السماء بلا صديق، كغربة مهاجر في منفى بعيد! وبعد قدر جميل مقدر أصبحت لها صاحبة تضمها! فعانقت الغيوم الرمادية عناقاً طويلاً، تسمع من همهماتها همسات وصال لم يكن بالحسبان إلا أنّه قصير أعقبه فراق سريع!
ابتعدت الغيوم الرمادية وهي ممتلئة بالحزن والمطر، وعادت أدراجها كما كانت من قبل!
هناك في الجانب الأيسر من السماء ثمّة غيوم أخرى تقترب من بعضها، وكأنها في حفلة رقص يحتضن فيها الحبيب حبيبه!
احتضنت الغيوم بعضها البعض وكأنها ترقص التانغو، فلم تفترق هذه المرة، وقد طال العناق!
وقفَتْ الحافلة أمامي، فانتشلني من عالمي صوتُ محركها!
ترجّل جميع الركاب؛ مددتُ يدي ومسكتُ باب الحافلة، مقدمة رجلي اليمنى، ووضعتها على دكة باب الحافلة وكانت رجلي اليسرى على الأرض. أمّا عيناي، فمازالت معلقة في السماء تتابع رقص الغيوم بنظرات مليئة بالنشوة،
لا أعرف كم من الوقت مضى وأنا واقفة على تلك الحالة، في لحظة ما أخرت رجلي اليمنى من الدكة الحديدية، وترجلت ماشية في طريقي، تاركة خلفي الحافلة يطن صوت محركها في الفضاء!
وأمّا عيناي، فمازلت محدقة في السماء تراقب عناق الغيوم!
في صباح ذلك الیوم وهو أحد أیام الخریف بعدما لفتت انتباهي سماء شيراز اللازوردية، فضلت المشي على الأقدام من البيت إلى الجامعة؛ ومن الجامعة إلى محفل المطر.
22_نوفمبر-2023