بغداد، حين غطت الطائرة بي في مدرج المطار وأعلن قائدها وصولنا بالسلامة، تيقنت أن زمن المعجزات لم ينقضى، انا في أرض العراق، ارتب أنفاسي ووقع ضربات قلبي المتسارعة، يتناهى إلى مسامعي السياب يتلو انشودة المطر ومطر الدهشة والحنين، الانتماء والعظمة الوجل والخجل، نشوة تسري في جسدي وجلٌ الوقوف في حضرة تاريخ عريق، الهواء الدافئ يلامس وجهي، سعف النخيل تتمايل راقصة ترحب بنا، على أطراف الأصابع اسير وكأني أطير، أجمع بعين روحي لقطات متسارعة، ألملم من على جانبي الطريق قصص من مروا هنا، ارقب الشجر يركض عكسي، أرنو إلى الأمام انتظر دجلة اعشق الأجسام المائية، اسير بمحاذاته، ينساب بسلاسة، صوت العراق أيقظ الجمر في جسدي، أحلق بالذاكرة، بين أمس واليوم، ممزقة بين الحلم والواقع، عيون كريمة تنتظرنا وبيد اللهفة مرحبة ، بلاغة اللقاء أكبر من أي كلام، تجليات المحبة بسمة الترحاب على الشفاه، تصافح الأيادي، تشد على أرواحنا، تمسح كل قلق وتعب من السفر، أهل العراق أصحاب الارض التي تنبت علماً وثقافة،كرم وجمال، تستعيد البلاد أنفاسها، مجدها يُحكى في الزوايا والصروح، رسل سلام، محبي الجمال، يرفعون رايات الحياة بوجه أعداء الحياة، بغداد المتنبي وابو نؤاس، عراق السياب والجواهري ولميعة عباس عمارة، ونازك الملائكة، من طين أنهارها الأسماء، عبر الأجيال يتدلى الليل على شارع المتنبي، تتلألأ الاضواء، وعلى ضفتيه ترقص الكتب، وجوه سمراء وتحية عيون لضيوفها باسمة، يكسرون خرافة العداوة ويطحنون قمح المحبة يتقاسمون الليل، يأتلفون مع الوجوه بكل اختلافها، يفتحون في العتمة نوافذ من نور سيرة الانسان العائد من عبثية الموات، الصاعد نحو قمم الحياة، كانت كائنة وستكون، الوتر الذي يشد دجلة والفرات أغنية البنفسج وشدو النخيل، هناك، وضعت قلبي أمانة حيث نشأت أولى الشرائع، وعزفت القيثارة السومرية لحن الانتماء للحياة،
شكرا للعراق شعباً وأرضاً شكراً لانتصار الإبداع، والإيمان بالإنسان، والعمل على استدامة الإنسانية، على سلم الطائرة مرة أخرى، تتناسل في الصدر أنات الحنين، لا نقول وداعاً بل إلى لقاء قريب، قاسينا ما قاسينا، تصافحنا بحرارة اللقاء، وشهقة المكان والزمان في الصدر، ودمعة حيرى تتدحرج تتسرب دون إذن، كم هو صغير هذا الكون، وكم هو عزيز تاريخك يا عراق، ممتد ستبقى شاهق، كالنخيل، أخضر كالأرز، بلاد الرافدين، حيث لا تُنسى أول قصيدة كتبها الله بإصبعه.
My spouse and I stumbled over here different website and thought I might as well check things out. I like what I see so now i’m following you. Look forward to going over your web page again.
its and honor, thank for following and support