الشاعر جميل داري
نعيشُ على الماضي نخيطُ وشاحَهُ
وندخلُ هذا العصرَ نكوي رياحَهُ
…
فهل بشرٌ نحنُ الذينَ نجرُّهُ
كما جرَّ كلبٌ في الفلاةِ نباحَهُ
…
إلى القمرِ العالي توصَّل غيرُنا
وما زال فينا مَن يهزُّ رماحَهُ
…
إلى الموت نسعى فالحياةُ بعيدةٌ
وأقربُ منها ما نريدُ اجتراحَهُ
…
أبو لهبٍ ما زالَ يسرحُ بيننا
ويُشهرُ في وجهِ الحياةِ سلاحَهُ
…
وهذا أبو ذرٍّ يموتُ بحسرةٍ
وأسمعُ من خلفِ الزمانِ نواحَهُ
…
وهذا بلالٌ عادَ للرِّقِّ عنوةً
وقد منعوا عنهُ الأذانَ وساحَهُ
…
وهذا صلاحُ الدِّينِ في السجنِ قابعٌ
وقد نزعَ السَّجَّانُ عنهُ صلاحَهُ
…
لكلِّ شريفٍ تهمةٌ وجنايةٌ
فكيفَ لهذا الحكمِ يبدي ارتياحَهُ
…
فما بينَ ميلادِ الوجودِ وموتهِ
ترى الحرَّ طولَ الوقتِ يُخفي جراحَهُ
…
إذا ما تمنَّى شاعرٌ لثمَ نجمةٍ
أحاطَ بهِ الشُّذَّاذُ ..قصُّوا جناحَهُ
…
وهذا ظلامُ الليلِ أرخى سدولَهُ
كأنَّ وراءَ الشمسِ ألقى صباحَهُ
…
تحكَّمَ فينا كلُّ قردٍ وثعلبٍ
إلى أن فقدنا حلمَنا وكفاحَهُ
…
لقد لوَّثَ الشيطانُ حتى صلاتنا
ولم يُبقِ للماءِ القراحِ قراحَهُ
…
أما آنَ أن يأتي هبوبُ قصيدةٍ
ليطلقَ للقلبِ الأسيرِ سراحَهُ
- إنسـان فيتـروفيـوس- للفنان الإيطالي ليــونــاردو دافـنـشـي، 1487
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”