يوسف طراد للنهار
وحدها الذّكريات، لا تتعب في الترحال، وها هي قد اجتمعت مع حنين إلى ماضي الريف، تاركة لريشة الشّابة رفقا شمعون الخوض في النور بلا قيد. ذاك النور الّذي أضاء من قنديل على فيض كلمة سحريّة، في صفحات كتاب
حجارة مداميك حائط منزل، تستقي ضوء النور السّاطع، من زجاجة مصباح، في مكان لقائها جسد قنطرة. وإحساس لقاء الحجارة الّذي وهبه لها حديث شاقوف وشاقول، يشهق لطيف النّور الأنيق
بدت زجاجة القنديل حوريّة إغريقيّة، يسطع النور من جسدها العاري؛ ويتوه النظر عن عريِها، وينخطف بسحر الألوان المسكوبة على قماش اللوحة، ليتمتّع بما كشفه النور بعد أفول الظلمة
ويغرق الضوء في فتنة المكان، يلثم الماضي بسحر لقاء الزمان. ويتضاعف الإشعاع، باندماج ما عكست منه مرآة حامل القنديل مع أصل النور البهيّ. وكأنّها حفلة تحضير أرواح الأجداد، لتخبرنا حكايات، ونوادر، وأخبار جنٍ في سهرات حول الوجاق
سرى الضوء من رحم القنديل؛ (كازٌ) حالمٌ، ينتظر قارئاً، فيتسلل عبر الفتيل، ويتحوّل إلى نورٍ، ليضيء الرؤية، وتصبح الأجواء مهيئة لفيض الإبداع. (كازٌ) تمنّى أن يكون ماءً في سراج قدّيس لبنان، فدبّت في كيانه غيرة الإضاءة، وطغت الأنوار التي ولّدها على رائحته، وانتظر صدى صوت القارئ الشجي، كي يتدلّل بغنج في البوح العذب
كلُّ تاج يعتلي هامة، لكنّ تاج القنديل، اِعتلى إناءً زجاجيًا دائريًا، وحمل زجاجةً رقيقةً شفّافةً، أكبر من أن تكون ماسة عليه لصغر حجمه، وكأنّها تاج نورٍ يعتلي تاج ملكٍ خاضعٍ للنور؛ ملكٌ وضع تاجه في خدمة الضياء، وجعل مسارب التاج تستقبل الهواء، فحَسُن الاشتعال؛ وراقصت شعيرات فرشاة رفقا الألوان، مكوّنة لهبة تختال بغنج ودلال، وانساب ضوؤها بين كتل الظلام، وقد ذكّرتنا شفافية نورها المنساب داخل ممرّات ذاكرتنا بماضٍ جميلٍ
كانت حبوب الكستناء تتسامر على طاولة في حلك الظلام، فتلّقت ضوءًا وأرخت ظلالًا، وقد اكتست لمعةً، وعفّرت حضورها بشقاوة المذاق، منتظرة لمسة يد عجوزٍ، لتحملها مقشّرة إلى ثغر حفيدٍ
ابنة ثلاثة عشر ربيعًا، رتّبت غطاء طاولة بإحساس فنّان مرهف. فهنيئًا لطاولة حملت الفنّ ضوءًا، كي لا يحتبس الليل في سمو العتمة أفكارًا دُوّنت على صفحات كتاب. وازدان الجدار بأطيافٍ عبرت من دون استئذان في صفاء الجو المنير. وتصارعت الأفكار في وحدة الكتاب الذي ينتظر قارئه، ليخرج ذاك الفيض الفلسفيّ الثائر في داخله
صبية بعمر الورود، تباهى نور فرشاتها على قماشة صُنعت لترجمة الخيال رسمًا للجمال، فاستحالت خيوطها أوتارًا، صدحت منها أغنية مواعيد السمر، لينعم بها البشر في هناءة الحبور
لوحة حائرة، تتراءى بدفق النوستالجيا الراقص داخل إطارها، وقد نبعت حيرتها من زمنٍ طغت عليه التكنولوجيا، وأعاد أسياده الظّلام إلى المنازل والساحات
تنهّدت حكاية اللوحة في قلادة الضّياء السعيد، ترقب صراعًا ابديًا بين النور والظلمة. وخربشت أصابع الليل الكظيم على الحائط آهات الوداع. واستنبط خيالنا عقيق الذكريات في أكنّة المدى، وغنّينا مع سفيرتنا إلى النجوم: “ضوّي يا هل القنديل”
غرفة 19
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم
- الأدب الرقمي: أدب جديد أم أسلوب عرض؟- مستقبل النقد الأدبي الرقمي
- “أيتها المرآة على الحائط، من الأذكى في العالم؟”
- كتاب من اكثر الكتب تأثيراً في الأدب العربي والعالمي تحليل نقدي لكتاب- “النبي” لجبران خليل جبران
- فيروز امرأة كونيّة من لبنان -بقلم : وفيقة فخرالدّين غانم
- سلطة الدجاج بالعسل والخردل