يوسف طراد
في بيروت قبلة لم تتم
كان باب الشقّة مفتوحًا، وجدها تنتظره على العتبة، تبادلا النّظرات، وأخذت الحقيبة المعلّقة على كتفه إلى غرفة داخلية
عادت إليه مبتهجة باللقاء، كأنّ شعاعًا دخل منزلها في تلك الأمسية البيروتيّة، سألته كيف كانت رحلته، جاهلة الرحلة الصعبة التي قطعها قلبه من المطار ليصل إليها
ها هما سعيدان ودودان، كأنه أول لقاء لهما. لكنّها من شدّة فرحتها، وقف خجلها بين اشتياقها وضمّه، لقد مرّت سنتان على غربته
راحت تتأمله، لا يشبه الرجل الذي ودّعته على المطار، كان التصميم على النجاح يملء كيانه حينها من أجل مستقبليهما. هو الآن رجل آخر، حاملًا بعينيه الشوق، وبكفيه الأمل والفرح، وبعقله المدى، وبأنفاسه همسات الروح
خرج إلى الشرفة بانتظار القهوة، فتح ستارة النافذة الزجاجيّة الكبيرة. كان المنظر يطلّ على المرفأ، والبواخر تنتظر التفريغ، جاهلًا أنّ واحدة قد أفرغت الدمار المؤجّل، وخزّنوه في عنبر محروس من آلهة الموت منذ حوالي عقد من الزمن
سبقتها رائحة القهوة معلنة قدومها، شلّتها الرغبة في انجرافها المحموم وهي تضع القهوة على المنضدة، كانت على بعد متر منه، سرى في جسدها تأثير قبلة لم تبدأ بعد، تقدّم نحوها ليلتهم شفتيها، فترك لهما عصف الجحيم شفتيه ومضى
4 آب 2021
تعليقات 1